معنى ذلك؟ قال : إنّ الله تبارك وتعالى قد قضى في مبدأ خلقه أن يكون بشيء (١) قدّره وقضاه فلا رادّ لقضائه.
قال : وأنبأنا الحسين في كتابه ، حدّثني ابن طغان ، حدّثني أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ابن هاشم الأذرعي ، أخبرني عبد الرّحمن بن واصل أبو زرعة الحاجب ، حدّثني أبو عبيد البسري قال : رأيت في منامي : كأن القيامة قد قامت ، فقمت من قبري ، فأتيت بدابة فركبتها ، ثم عرج بي إلى السماء ، فإذا فيها جنّة فأردت أنزل ، فقيل لي : ليس هذا مكانك ، فعرج بي إلى سماء سماء ، كلّ سماء فيها جنّة حتى صرت إلى أعلى عليين ، فنزلت في أعلى عليين ، ثم أردت القعود ، فقيل لي : أتقعد قبل أن ترى ربك تبارك وتعالى؟ قلت : لا ، فقمت ، فساروا بي ، فإذا أنا بالله عزوجل قدّامه آدم يحاسبه ، فلما رآني آدم ، خلسني بعينه خلسة مستغيث ، قلت : يا رب ، قد فلجت الحجّة على الشيخ فعفوك ، فسمعت الله يقول : قم يا آدم ، فقد عفونا عنك ، وكان الشيخ أبو أحمد (٢) بن بكر ـ رحمهالله ـ حاضرا وهو يسمعني ، فكأنّي استعظمت الحال لأبي عبيد. فقال لي الشيخ ومن حضر : القدر والفضل يرجع إلى آدم ، إذ أبو عبيد من ولده.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنبأنا أبي أبو القاسم قال : وكان أبو عبيد البسري إذا كان أوّل شهر رمضان يدخل بيتا ويقول لامرأته طيّني عليّ الباب ، وألقي إليّ كلّ ليلة من الكوة رغيفا ، فإذا كان يوم العيد فتح الباب ودخلت امرأته البيت ، فإذا بثلاثين رغيفا في زاوية البيت ، فلا أكل ولا شرب ولا نام ، وما فاتته ركعة من الصلاة.
أنبأنا أبو الحسن الفارسي ، أنبأنا أبو بكر المزكي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت أبا بكر البجلي يقول : سمعت أبا عثمان الآدمي يقول : كان أبو عبيد البسري إذا كان أول يوم من شهر رمضان يدخل البيت ، ويقول لامرأته : طيّني باب البيت ، وألقي إليّ كلّ ليلة من الكوة رغيفا ، فلما كان يوم العيد رفست الباب ، ودخلت فوجدت ثلاثين رغيفا موضوعة في الزاوية لا أكل ولا شرب ، ولا تهيأ للصلاة ؛ يبقى على طهر واحد إلى آخر الشهر.
أخبرنا أبو القاسم النّسيب وغيره ، عن أبي علي الأهوازي ، أنبأنا عبدان بن عمر
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، ود : فشيء.
(٢) كذا بالأصل ، و «ز» ، ود ، وفي المختصر : أبو أحمد بكر.