يدي الله ، وخف (١) من الله عزوجل واجتنب محارمه ، وأدّ فرائضه ، وكن مع الله حيث كنت ، ولا تستصغرنّ نعم الله عليك ، وإن قلّت وقابلها بالشكر ، وليكن صمتك تفكّرا ، وكلامك ذكرا ونظرك عبرة ، اعف عن من ظلمك ، وصل من قطعك ، وأحسن إلى من أساء إليك ، واصبر على النائبات ، واستعذ بالله من النار بالتقوى ، فقلت : زدني ، فقال : ليكن الصدق لسانك ، والوفاء عمادك ، والرحمة ثمرتك ، والشكر طهارتك ، والحق تجارتك ، والتودد زينتك ، والكياسة فطنتك ، والطاعة معيشتك ، والرضا أمانتك ، والفهم بصيرتك ، والرجاء اصطبارك ، والخوف جلبابك ، والصدقة حرزك ، والزكاة حصنك ، والحياء أميرك ، والحلم وزيرك ، والتوكّل درعك ، والدنيا سجنك ، والفقر ضجيعك ، والحقّ قائدك ، والحجّ والجهاد بغيتك ، والقرآن محدّثك (٢) بحجتك ، والله مؤنسك ، فمن كانت هذه صفته كانت الجنّة منزلته ، ثم رمى بطرفه نحو السماء ثم استعبر وأنشأ يقول :
إليك إله الخلق (٣) أرفع رغبتي |
|
وإن كنت يا ذا المنّ والجود مجرما |
فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي |
|
جعلت الرجاء مني لعفوك (٤) سلّما |
تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته |
|
بعفوك ربّي كان عفوك أعظما |
وما زلت ذا عفو عن (٥) الذنب لم تزل |
|
تجود وتعفو منّة وتكرّما |
فلولاك لم يغو (٦) بإبليس عابد |
|
فكيف وقد أغوى صفّيك آدما |
فإن تعف عني تعف عن متمرّد |
|
ظلوم غشوم ما يزايل (٧) مأثما |
وإن تنتقم مني فلست بآيس |
|
ولو أدخلت (٨) نفسي بجرمي جهنما |
فجرمي عظيم من قديم وحادث |
|
وعفوك يا ذا العفو (٩) أعلى وأجسما |
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد ، وأبو المعالي محمّد بن إسماعيل ، قالا : أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا العباس محمّد بن يعقوب
__________________
(١) بالأصل ود : «وكن» والمثبت عن «ز».
(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «والقرآن محجتك» ، وفي د : «والقرآن محدثك».
(٣) في «ز» ، ود : الحق.
(٤) في د ، و «ز» : بعفوك.
(٥) بالأصل و «ز» ، ود : «على» والمثبت عن الديوان.
(٦) بالأصل : «ما يقوى» والمثبت عن «ز» ، ود.
(٧) الأصل و «ز» ، وفي د : يفارق.
(٨) الأصل و «ز» ، وفي د : دخلت.
(٩) كذا بالأصل و «ز» ، ود ، وفي الديوان (في نسخة): «يأتي العبد» بدل : «بإذا العفو».