الكوفي ـ بمصر ـ حدّثنا الربيع قال : سمعت الشّافعي يقول : فذكر الأبيات.
قال : وحدّثني الزبير بن عبد الواحد الأسدآباذي ، أخبرني أبو عمران موسى بن عمران القلزمي بقلزم ، حدّثنا الربيع بن سليمان المصري أبو محمّد قال : سمعت الحميدي يقول :
لما أخذ حمّاد البربري للشافعي أحضره وأحضر جماعة معه ، فكان يقوم الرجل عريانا في سراويل فيقول أمير المؤمنين للفضل بن مروان قل له : يتكلم ، فيقول له الفضل : تكلم ، فإذا تكلم يقول : اضرب فيضرب عنقه ، حتى قام الشافعي عريانا في سراويل ـ قال الحميدي : وقد كان استطلق بطن الشافعي من الليل ، وكان إذا انطلق بطنه عذب لسانه ـ ، فقال أمير المؤمنين للفضل : قل له يتكلم ، فتكلم الشّافعي بكلام لم يسمع مثله ، فعجب أمير المؤمنين من حسن كلامه ، فقال للفضل بن مروان : ويحك سمعت مثل هذا قط؟ قل له يعيد ما قال ، فأعاد عليه وزاد قال : فكان فيما قال له : أصلح الله أمير المؤمنين ، لأن أكون مع قوم يرون أنّي من أنفسهم أحبّ إليّ من أن أكون مع قوم يرون أنّي عبد لهم ، قال : ألبسوه ثيابه وأجازه بعشرة آلاف دينار في منديل ، فحملها فضرب خيمة وبقي يطعم الناس ، ولم يقلع الخيمة حتى لم يبق منها شيء ، قال : ورأيته في الحمّام وهو يجعل النخالة ليس فيها شيء إلّا الحسور.
قال : وحدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل العطّار الجرباذقاني ـ بها ـ حدّثنا إبراهيم بن معاوية الأصبهاني الإمام ، حدّثنا المزني قال : سمعت الشّافعي يقول (١) : بعث إليّ هارون الرشيد في الليل بالربيع فقحم عليّ من غير إذن ، فقال لي : أجب ، فقلت له : في مثل هذا الوقت وبغير إذن ، قال : بذاك أمرت ، فخرجت معه ، فلما صرت بباب الدار قال لي : اجلس ، فلعله قد نام ، أو قد سكن سورة غضبه ، فدخل فوجد الرشيد منتصبا فقال : ما فعل محمّد بن إدريس؟ قلت : قد أحضرته ، قال : فجئني به ، قال : فخرجت فأدخلته إليه ، فلمّا مثلت بين يديه تأملني ثم قال : يا محمّد أرعبناك ، فانصرف راشدا ، يا ربيع (٢) واحمل معه بدرة دراهم ، قال : فقلت : لا حاجة لي فيها ، قال : أقسمت عليك إلّا أخذته قال : فحمل بين يدي فلمّا خرجت قال لي الربيع : بالذي سخّر لك هذا الرجل ما الذي قلت؟ فإنني أحضرتك وأنا أرى موضع السيف من قفاك ، فتبسّم ، فقلت : نعم ، سمعت مالك بن أنس يقول : سمعت نافعا يقول : سمعت عبد الله بن عمر يقول :
__________________
(١) راجع حلية الأولياء ٩ / ٧٩ ـ ٨٠.
(٢) هو الربيع بن يونس ، أبو الفضل الأموي الوزير ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٣٥.