رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تعلّموا من قريش ولا تعلّموها ، قدّموا قريشا ولا تؤخّروها» [١٠٨٩٣] ما أنكر أن يكون محمّد بن إدريس الشّافعي أعلم من محمّد بن الحسن ثم إنه رضي عني ، وأمر لي بألف دينار قال : فخرج هرثمة فقال لي بالسوط هكذا فاتّبعته ، فحدّثني بالقصّة كلها وقال لي : قد أمر لك أمير المؤمنين أطال الله بقاءه بألف دينار (١) ، وقد أضفت إليها مثلها غير خمسين دينارا ، فإن أمير المؤمنين لا يساوى في جائزته ، قال : فو الله ما ملكت قبلها مثل هذا المال قط ، وكان أوّل مال كثير ملكته ، وكنت رجلا أستتبع فوقاني (٢) الله على يدي أبي مصعب.
فلما كان بعد ذلك جلست إلى محمّد بن الحسن ووقفت تجاهه ومعي جزء أنظر فيه ، فقال لي : أرني في أي شيء تنظر ، فلم أره ، فتناول القلم والقرطاس وكتب إليّ (٣) :
قل لمن لم تر عينا |
|
من رآه مثله |
ومن كان قد رآه |
|
قد رأى من قبله |
العلم ينهى أهله |
|
أن يمنعوه أهله |
لعلّه ببذله |
|
لأهله لعله |
قال : فلما قرأت هذه الأبيات دفعت الجزء إليه.
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا علي بن عبد العزيز بن مردك ، أنبأنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، أخبرني محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم (٤) ـ قراءة ـ أنبأنا الشّافعي ، حدّثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين (٥) يعني قارئ مكة قال : قرأت على شبل ـ يعني ـ بن عبّاد ، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير ، وأخبر عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد ، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عبّاس ، وأخبر ابن عبّاس أنه قرأ على أبيّ بن كعب ، وقرأ أبيّ بن كعب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال الشّافعي : وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين وكان يقول : القرآن اسم وليس بمهموز ، ولم يؤخذ من : «قرأت»
__________________
(١) في حلية الأولياء : بخمسمائة دينار.
(٢) كذا بالأصل وم وت ود ، وفي الحلية : فأغناني.
(٣) الأبيات في ديوان الشافعي ص (٣٢٠) ط دار الفكر تحقيق محمّد عبد الرحيم.
(٤) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٠ / ١٣ والمزي في تهذيب الكمال ١٦ / ٤٦.
(٥) إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين أبو إسحاق المكي مولى بني مخزوم مقرئ مكة ، غاية النهاية ١ / ١٦٦ والجرح والتعديل ٢ / ١٨٠.