شاهدان إن كان محصنا رجمته ، وإن كان غير محصن جلدته ، قال لي : فإن قلت لك ليس هما حتما (١) من الله؟ قال : قلت له : فإذا لم يكونا حتما (٢) من الله فيترك (٣) في كلّ حكم منزلة ، في الزنا أربع وفي غيره شاهدان ، وفي غيره رجل وامرأتان (٤) ، وإنما أعني في القتل لا يجوز إلّا شاهدان ، فلما رأيت قتلا وقتلا أعني شهادة الزنا وشهادة القتل ، فكان هذا قتلا وهذا (٥) قتلا غير أن أحكامهما مختلفة ، فكذلك كلّ حكم أنزل ، حيث أنزل الله منها بأربع ومنها بشاهدين ، ومنها بشاهد وامرأتين ، ومنها بشاهد ويمين ، وأنت قد تحكم بدون هذا ، قال : فقال لي : وما أحكم بدون هذا؟ قال : قلت له : ما تقول في الرجل والمرأة إذا اختلفا في متاع البيت؟ فقال لي أصحابي يقولون فيه : ما كان للرجال فهو للرجال ، وما كان للنساء فهو للمرأة ، قال (٦) : فقلت له : أفي كتاب الله تعالى قلت هذا أم بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ثم قلت له : ما تقول في الرجلين إذا اختلفا في الحائط؟ قال : فقال لي : من قول أصحابنا أنه إذا لم تكن لهما بيّنة ينظر إلى العقد من [أين](٧) هو البنّاء؟ فأحكم لصاحبه به ، فقلت له : أفبكتاب الله قلت هذا أم بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ثم قلت له : ما تقول في رجلين يكون بينهما خص فيختلفان فيه لمن تحكم به إذا لم تكن لهما بينة؟ قال لي أنظر إلى معاقده من أي وجه هي؟ فأحكم له ، فقلت له : أفبكتاب الله قلت هذا أم بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ثم قلت له : ما تقول في ولادة المرأة إذا لم يحضرها إلّا امرأة واحدة هي القابلة ولم يكن ثمّ غيرها؟ فقال لي : الشهادة جائزة ، شهادة القابلة وحدها نقبلها ، قلت له : أفبكتاب الله قلت هذا أم بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ثم قلت له : من كانت هذه أحكامه فليس من سبيله أن يفكر على غيره ، قال : فبقي متعجبا فقلت له : أتعجب من حكم حكم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحكم به أبو بكر وعمر ، وحكم به علي بن أبي طالب بالعراق ، وقضى به شريح ، قال : ورجل من ورائي يكتب ألفاظي وأنا لا أعلم به ، ثم إنه أدخل ما كتب من ألفاظي وكلامي على أمير المؤمنين هارون الرشيد ، فقرأه عليه ، فقال لي هرثمة بن أعين ـ وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال ـ : أقرأه عليّ ثانية ، فقرأه عليه ، فأنشأ أمير المؤمنين يقول : صدق الله ورسوله ، صدق الله ورسوله حتى قالها ثلاث مرات ، ثم قال : قال
__________________
(١) بالأصل وم وت ود : حتم.
(٢) راجع الحاشية السابقة.
(٣) كذا بالأصل وم وت ود ، وفي الحلية : فتنزل الأحكام منازلها.
(٤) في الحلية : «في الزنا أربعا وفي غيره شاهدين ، وفي غير رجلا وامرأتين» وفي م وت ود الجملة بالرفع كالأصل.
(٥) بالأصل وم وت ود : «فكان هذا قتل وهذا قتل» والمثبت عن الحلية.
(٦) كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(٧) الزيادة عن م وت ود.