ليأكل منه فوجده رطبا صيحانيا (١) فلم يأكل منه شيئا ، ثم عاد إليه من الغد عشية فوجده تمرا على حالته الأولى ، فأكل أو كما قال.
قال الخطيب (٢) : وسمعت أبا الحسن أحمد بن علي بن الحسن البادا (٣) يقول : سمعت أبا الفتح القواس يقول : لحقني إضافة وقتا من الزمان ، فنظرت فلم أجد في البيت غير قوس لي وخفين كنت ألبسهما ، فأصبحت وقد عزمت على بيعهما ، وكان يوم مجلس أبي الحسين ابن سمعون ، فقلت في نفسي : أحضر المجلس ثم انصرف فأبيع الخفين والقوس ، قال : وكان القوّاس قلّما يتخلّف عن حضور مجلس ابن سمعون ، قال أبو الفتح : فحضرت المجلس فلما أردت الانصراف ، ناداني أبو الحسين : يا أبا الفتح ، لا تبع الخفين ، ولا تبع القوس ، فإنّ الله سيأتيك برزق من عنده ، أو كما قال.
قال الخطيب (٤) : وحدّثني رئيس الرؤساء شرف الوزراء أبو القاسم علي بن الحسن ، حدّثني أبو طاهر محمّد بن علي بن العلّاف ، قال : حضرت أبا الحسين بن سمعون يوما في مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم ، وكان أبو الفتح القواس جالسا إلى جنب الكرسي ، فغشيه الناس ونام ، فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه ، فقال له أبو الحسين : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في نومك؟ قال : نعم ، قال أبو الحسين : لذلك أمسكت عن الكلام خوفا أن تنزعج وتنقطع عما كنت فيه ، أو كما قال.
قال (٥) : وحدّثني رئيس الرؤساء أيضا قال : حكى لي أبو علي بن أبي موسى الهاشمي ، قال : حكى لي دجى مولى الطائع لله قال : أمرني الطائع لله بأن أوجّه إلى ابن سمعون فأحضره دار الخلافة ، ورأيت الطائع على صفة من الغضب ، وكان يتّقى في تلك الحال ، لأنه كان ذا حدة ، فبعثت إلى ابن سمعون وأنا مشغول القلب لأجله ، فلمّا حضر أعلمت الطائع حضوره ، فجلس (٦) مجلسه وأذن له في الدخول ، فدخل وسلّم عليه بالخلافة ، ثم أخذ في وعظه ، فأوّل ما ابتدأ به أن قال : روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وذكر خبرا أو أحاديث بعده ،
__________________
(١) التمر الصيحاني ، نوع من أنواع التمر بالمدينة ، أسود صلب المضغة.
(٢) تاريخ بغداد ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ والخبر التالي سقط من د.
(٣) في تاريخ بغداد : بن البادا.
(٤) تاريخ بغداد ١ / ٢٧٦.
(٥) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١ / ٢٧٦.
(٦) بالأصل : جلس ، والمثبت عن م ، وت ، ود ، وتاريخ بغداد.