الأرض التي تسلك المارّة منها ، وبناه هذا البناء الموجود الآن ، وبلغني أن الرخامة التي كانت على الباب نصبوها على شكل قبرأ حدثوه في هذا المسجد ، وبالله ان الفتنة بهذا المكان الآخر من حارة برجوان الذي يعرف بجعفر الصادق لعظيمة ، فإنهما صارا كالأنصاب التي كانت تتخذها مشركوا العرب ، يلجأ إليهما سفهاء العامّة والنساء في أوقات الشدائد ، وينزلون بهذين الموضعين كربهم وشدائدهم التي لا ينزلها العبد إلا بالله ربه ، ويسألون في هذين الموضعين ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى وحده ، من وفاء الدين من غير جهة معينة ، وطلب الولد ونحو ذلك ، ويحملون النذور من الزيت وغيره إليهما ، ظنا أن ذلك ينجيهم من المكاره ، ويجلب إليهم المنافع ، ولعمري إن هي إلّا كرّة خاسرة ، ولله الحمد على السلامة.
رحبة أرقطاى : هذه الرحبة بحارة الروم قدّام دار الأمير الحاج أرقطاي نائب السلطنة بالديار المصرية.
رحبة ابن الضيف : هذه الرحبة بحارة الديلم ، وهي من الرحاب القديمة ، عرفت بالقاضي أمين الملك إسماعيل بن أمين الدولة الحسن بن عليّ بن نصر بن الضيف ، وفي هذه الرحبة الدار المعروفة بأولاد الأمير طنبغا الطويل ، بجوار حكر الرصاصيّ ، وتعرف هذه الرحبة أيضا بحمدان البزاز وبابن المخزومي.
رحبة وزير بغداد : هذه الرحبة بدرب ملوخيا ، عرفت بالأمير الوزير نجم الدين محمود بن عليّ بن شردين ، المعروف بوزير بغداد ، قدم إلى مصر يوم الجمعة ثامن صفر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ، وهو وحسام الدين حسن بن محمد بن محمد الغوريّ الحنفيّ ، فارّين من العراق بعد قتل موسى ملك التتر ، فأنعم عليه السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون باقطاع أمرة تقدمة ألف. مكان الأمير طازبغا ، عند وفاته ، في ليلة السبت ثامن عشرى جمادى الأولى من السنة المذكورة. فلما مات الملك الناصر محمد بن قلاون ، وقام في الملك من بعده ابنه الملك المنصور أبو بكر بن محمد ، قلد الوزارة بالديار المصرية للأمير نجم الدين محمود وزير بغداد في يوم الاثنين ثالث عشر المحرّم سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. وبنى له دار الوزارة بقلعة الجبل ، وأدركناها دار النيابة وعمل له فيها شباك يجلس فيه ، وكان هذا قد أبطله الملك الناصر محمد ، وخربت قاعة الصاحب ، فلم يزل إلى أن صرف في أيام الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاون عن الوزارة ، بالأمير ملكتمر السرجواني في مستهل رجب سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة ، ثم أعيد في آخر ذي الحجة بعد تمنع منه ، واشترط أن يكون جمال الكفاة ناظر الخاص معه صفة مشير ، فأجيب إلى ذلك.
فلما قبض على جمال الكفاة ، صرف وزير بغداد وولي بعده الوزارة الأمير سيف الدين ايتمش الناصريّ ، في يوم الأربعاء ثاني عشرى ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ، بحكم استعفائه منها ، فباشرها أيتمش قليلا وسأل أن يعفى من المباشرة فأعفي ، وذلك لقلة