بستانا يعرف ببستان المحلي ، وهو الذي في غربيّ الخليج ، وكان بستان جنان الحارة بجوار بركة قارون ، وينتهي إلى حوض الدمياطيّ الموجود الآن على يمنة من سلك من خط السبع سقايات إلى قنطرة السدّ ، فاستولى عليه الأمير أقبغا عبد الواحد استادار الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وأذن للناس في تحكيره ، فحكر وبني فيه عدّة مساكن. وإلى يومنا هذا يجبى حكره ويصرف في مصارف المدرسة الأقبغاوية المجاورة للجامع الأزهر بالقاهرة ، وأوّل من عمر في حكر أقبغا هذا أستادار الأمير جنكل بن البابا ، فتبعه الناس. وفي موضع هذا الحكر كانت كنيسة الحمراء التي هدمها العامّة في أيام الملك الناصر ، محمد بن قلاون كما ذكر عند ذكر الكنائس من هذا الكتاب.
وهي اليوم زاوية تعرف بزاوية الشيخ يوسف العجمي ، وقد ذكرت في الزوايا أيضا ، وهذا الحكر لما بنى الناس فيه عرف بالآدر لكثرة من سكن فيه من التتر والوافدية من أصحاب الأمير جنكل بن البابا ، وعمر تجاه هذا الحكر الأمير جنكل حمامين هما هنالك إلى اليوم ، وانتشأ بعمارة هذا الحكر بظاهره سوق وجامع ، وعمر ما على البركة أيضا ، واتصلت العمارة منه في الجانبين إلى مدينة مصر ، واتصلت به عمائر أيضا ظاهر القاهرة بعد ما كان موضع هذا الحكر مخوفا ، يقطع فيه الزعار الطريق على المارّة من القاهرة إلى مصر ، وكان والي مصر يحتاج إلى أن يركز جماعة من أعوانه بهذا المكان لحفظ من يمرّ من المفسدين ، فصار لما حكر كأنه مدينة كبيرة ، وهو إلى الآن عامر وأكثر من يسكنه الأمراء والأجناد ، وهذا الحكر كان يعرف قديما بالحمراء الدنيا ، وقد ذكر خبر الحمراوات الثلاث عند ذكر خطط مدينة فسطاط مصر من هذا الكتاب ، وفي هذا الحكر أيضا كانت قنطرة عبد العزيز بن مروان التي بناها على الخليج ليتوصل منها إلى جنان الزهريّ ، وبعض هذا الحكر مما انحسر عنه النيل ، وهي القطعة التي تلي قنطرة السدّ.
حكر الست حدق : هذا الحكر يعرف اليوم بالمريس ، وكان بساتين ، من بعضها بستان الخشاب ، فعرف بالست حدق من أجل أنها أنشأت هناك جامعا كان موضعه منظرة السكرة ، فبنى الناس حوله ، وأكثر من كان يسكن هناك السودان ، وبه يتخذ المزور مأوى أهل الفواحش والقاذورات ، وصار به عدّة مساكن وسوق كبير ، يحتاج محتسب القاهرة أن يقيم به نائبا عنه للكشف عما يباع فيه من المعايش ، وقد أدركنا المريس على غاية من العمارة ، إلّا أنه قد اختلّ منذ حدثت الحوادث من سنة ست وثمانمائة ، وبه إلى الآن بقية من فساد كبير.
حكر الست مسكة : هذا الحكر بسويقة السباعين بقرب جوار حكر الست ، حدق ، عرف بالست مسكة لأنها أنشأت به جامعا ، وهذا الحكر كان من جملة الزهريّ ، ثم أفرد وصار بستانا تنقل إلى جماعة كثيرية ، فلما عمرت الست مسكة في هذا الحكر الجامع بنى