المشارقة الحياك ، وفيه سوق عامر بالمعايش.
ذكر أرض الطبالة
هذه الأرض على جانب الخليج الغربيّ بجوار المقس ، كانت من أحسن منتزهات القاهرة ، يمرّ النيل الأعظم من غربيها عندما يندفع من ساحل المقس ، حيث جامع المقس الآن ، إلى أن ينتهي إلى الموضع الذي يعرف بالجرف على جانب الخليج الناصريّ ، بالقرب من بركة الرطليّ ، ويمرّ من الجرف إلى غربيّ البعل ، فتصير أرض الطبالة نقطة وسط ، من غربيها النيل الأعظم ، ومن شرقيها الخليج ، ومن قبليها البركة المعروفة ببطن البقرة ، والبساتين التي آخرها حيث الآن باب مصر بجوار الكبارة ، وحيث المشهد النفيسيّ ، ومن بحريها أرض البعل ومنظرة البعل ومنظرة التاج والخمس وجوه وقبة الهواء ، فكانت رؤية هذه الأرض شيئا عجيبا في أيام الربيع ، وفيها يقول سيف الدين علي بن قزل المشدّ :
إلى طبالة يعزون أرضا |
|
لها من سندس الريحان بسط |
وقد كتب الشقيق بها سطورا |
|
وأحسن شكلها للطل نقط |
رياض كالعرائس حين تجلى |
|
يزين وجهها تاج وقرط |
وإنما قيل لها أرض الطبالة : لأنّ الأمير أبا الحارث أرسلان البساسيري ، لما غاضب الخليفة القائم بأمر الله العباسيّ وخرج من بغداد يريد ، الانتماء إلى الدولة الفاطمية بالقاهرة ، أمدّه الخليفة المستنصر بالله ووزيره الناصر لدين الله عبد الرحمن البازوريّ حتى استولى على بغداد ، وأخذ قصر الخلافة ، وأزال دولة بني العباس منها ، وأقام الدولة الفاطمية هناك ، وسيّر عمامة القائم وثيابه وشباكه الذي كان إذا جلس يستند إليه ، وغير ذلك من الأموال والتحف إلى القاهرة في سنة خمسين وأربعمائة ، فلما وصل ذلك إلى القاهرة سرّ الخليفة المستنصر سرورا عظيما ، وزينت القاهرة والقصور ومدينة مصر والجزيرة ، فوقفت نسب طبالة المستنصر ، وكانت امرأة مرجلة تقف تحت القصر في المواسم والأعياد وتسير أيام الموكب وحولها طائفتها وهي تضرب بالطبل ، وتنشد ، فأنشدت وهي واقفة تحت القصر :
يا بني العباس ردّوا |
|
ملك الأمر معدّ |
ملّككم ملك معار |
|
والعوارى تستردّ |
فأعجب المستنصر ذلك منها وقال لها تمني ، فسألت أن تقطع الأرض المجاورة للمقس ، فأقطعها هذه الأرض. وقيل لها من حينئذ أرض الطبالة ، وأنشأت هذه الطبالة تربة بالقرافة الكبرى تعرف بتربة نسب. قال ابن عبد الظاهر : أرض الطبالة منسوبة إلى امرأة مغنية تعرف بنسب ، وقيل بطرب ، مغنية المستنصر. قال : فوهبها هذه الأرض المعروفة بأرض الطبالة ، وحكرت وبنيت آدرا وبيوتا ، وكانت من ملح القاهرة وبهجتها ، انتهى. ثم أن أرض