المهرانيّ إلى المقس بساتين ثم حكرت.
بركة الرطلي : هذه البركة من جملة أرض الطبالة ، عرفت ببركة الطوّابين ، من أجل أنه كان يعمل فيها الطوب ، فلما حفر الملك الناصر محمد بن قلاون الخليج الناصريّ ، التمس الأمير بكتمر الحاجب من المهندسين أن يجعلوا حفر الخليج على الجرف إلى أن يمرّ بجانب بركة الطوّابين هذه ، ويصب من بحريّ أرض الطبالة في الخليج الكبير ، فوافقوه على ذلك ، ومرّ الخليج من ظاهر هذه البركة كما هو اليوم ، فلما جرى ماء النيل فيه روى أرض البركة ، فعرفت ببركة الحاجب.
فإنها كانت بيد الأمير بكتمر الحاجب المذكور ، وكان في شرقيّ هذه البركة زاوية بها نخل كثير وفيها شخص يصنع الأرطال الحديد التي تزن بها الباعة ، فسماها الناس بركة الرطليّ نسبة لصانع الأرطال ، وبقيت نخيل الزاوية قائمة بالبركة إلى ما بعد سنة تسعين وسبعمائة ، فلما جرى الماء في الخليج الناصريّ ودخل منه إلى هذه البركة ، عمل الجسر بين البركة والخليج ، فحكره الناس وبنوا فوقه الدور ، ثم تتابعوا في البناء حول البركة حتى لم يبق بدائرها خلو ، وصارت المراكب تعبر إليها من الخليج الناصريّ فتدورها تحت البيوت وهي مشحونة بالناس ، فتمرّ هنالك للناس أحوال من اللهو يقصر عنها الوصف ، وتظاهر الناس في المراكب بأنواع المنكرات من شرب المسكرات وتبرّج النساء الفاجرات واختلاطهنّ بالرجال من غير إنكار ، فإذا نضب ماء النيل زرعت هذه البركة بالقرط وغيره ، فيجتمع فيها من الناس في يومي الأحد والجمعة عالم لا يحصى لهم عدد ، وأدركت بهذه البركة من بعد سنة سبعين وسبعمائة إلى سنة ثمانمائة أوقاتا انكفت فيها عمن كان بها أيدي الغير ، ورقدت عن أهاليها أعين الحوادث ، وساعدهم الوقت إذ الناس ناس والزمان زمان ، ثم لما تكدّر جوّ المسرّات وتقلص ظل الرفاهة ، وانهلت سحائب المحن من سنة ست وثمانمائة ، تلاشى أمرها ، وفيها إلى الآن بقية صبابة ومعالم أنس وآثار تنبىء عن حسن عهد ، ولله در القائل:
في أرض طبالتنا بركة |
|
مدهشة للعين والعقل |
ترجح في ميزان عقلي على |
|
كلّ بحار الأرض بالرطل |
البركة المعروفة ببطن البقرة : هذه البركة كانت فيما بين أرض الطبالة وأراضي اللوق ، يصل إليها ماء النيل من الخور فيعبر في خليج الذكر إليها ، وكانت تجاه قصر اللؤلؤة ودار الذهب في برّ الخليج الغربيّ ، وأوّل ما عرفت من خبر هذه البركة أنها كانت بستانا كبيرا فيما بين المقس وجنان الزهريّ ، عرف بالبستان المقسيّ نسبة إلى المقس ، ويشرف على بحر النيل من غربيه ، وعلى الخليج الكبير من شرقيه ، فلما كان في أيام الخليفة الظاهر لاعزاز دين الله أبي هاشم عليّ بن الحاكم بأمر الله ، أمر بعد سنة عشر وأربعمائة بإزالة إنشاب هذا