كل جند من أجناد الشام رجالا أهل فروسية ونجدة ، وعفاف وسياسة للحرب (١) ، وكانوا عدة له قد عرفهم وعرفوا به ، فسمي لنا منهم من أهل فلسطين : الحارث بن عبد الأزدي ، وجنادة بن أبي أمية الأزدي ، ومن جند الأردن : سعيد بن حمزة بن مالك الهمداني ، وحبيش بن دلجة (٢) القيني ، وعبد الله بن قيس بن مكشوح المرادي ، ومن أهل دمشق : عبد الله بن مسعدة ، وعمرو بن معاوية العقيلي ، وعبد الرّحمن بن مسعود الفزاري ، وعبد الله بن قرط الأزدي الثمالي ، وعبد الرّحمن بن عضاه الأشعري.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، نا نافع بن ثابت (٤) ، عن يحيى بن عبّاد ، عن أبيه قال :
لقد رأيتني يوما من أيام الحصين بن نمير ، وقد بعث إلينا كتيبة خشناء (٥) فيها عبد الله بن مسعدة الفزاري ، فنالوا منا أقبح القول ، وأسمجه ، فرأيت أبي يحنق (٦) عليهم ، وقال : مال الحرب (٧) ومال هذا؟ هذا فعل النساء ، فقال لمصعب ـ يعني : ابن عبد الرّحمن بن عوف ـ أبا زرارة احمل بنا ، فحمل مصعب كأنه جمل صئول ، وحمل أبي ، وتبعتهم في قوم منا أهل نيات (٨) فلقد رأيت السيوف ركدت ساعة ، ولكأنّ هام الرجال وأذرعهم أجري القثّاء ، حتى خلصنا إلى عبد الله بن مسعدة فضربه مصعب ضربة قطع (٩) السيف الدرع ، وخلص إلى فخذه ، وضربه ابن أبي ذراع من جانبه الآخر فجرحه جرحا آخر ، فما علمت أنّا رأيناه يخرج إلينا بعد ذلك ، وأقام في عسكرهم جريحا حتى ولّوا منصرفين.
__________________
(١) الأصل : الحرب.
(٢) دلجة كهمزة (تاج العروس : بتحقيقنا ، مادة : دلج).
(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ١٥٩.
(٤) رسمها بالأصل : «ليث» قد تقرأ ليث ، والمثبت عن ابن سعد.
(٥) الكتيبة الخشناء : أي كثيرة السلاح خشنته.
(٦) ابن سعد : حنقا.
(٧) في ابن سعد : ما للحرب وما لهذا؟.
(٨) كذا بالأصل وابن سعد ، وفي المطبوعة : أهل ثبات ، وهو أظهر.
(٩) ابن سعد : فقطع.