حتّى متى أنا في حطّ وترحال |
|
وطول سعي وإدبار وإقبال |
ونازح الدار لا أنفكّ مغتربا |
|
عن الأحبة ما يدرون ما حالي |
بمشرق الأرض طورا ثم مغربها |
|
لا يخطر الموت من حرص على بال |
ولو قعدت أتاني الرزق في دعة |
|
إنّ القنوع الغنى لا كثرة المال |
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين الجازري ، أنا المعافى بن زكريا (١) ، القاضي (٢) ، نا الحسين بن القاسم (٣) الكوكبي ، نا أبو محمّد عبد الله بن مالك النحوي ، أنا يحيى بن أبي حماد (٤) المزكّي (٥) ، عن أبيه قال :
وصفت للمأمون جارية بكلّ ما توصف (٦) امرأة من الكمال والجمال ، فبعث في شرائها ، فأتي بها وقت خروجه إلى بلاد الروم ، فلما همّ ليلبس درعه خطرت بباله فأمر فأخرجت إليه ، فلما نظر إليها أعجب بها ، وأعجبت به ، فقالت : ما هذا؟ قال : أريد الخروج إلى بلاد الروم ، قالت : قتلتني والله يا سيّدي ، وحدرت (٧) دموعها على خدّها كنظام اللؤلؤ وأنشأت تقول :
سأدعو دعوة المضطر ربّا |
|
يثيب على الدعاء ويستجيب |
لعلّ الله أن يكفيك حربا |
|
ويجمعنا كما تهوى القلوب |
فضمّها المأمون إلى صدره وأنشأ متمثلا يقول :
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها |
|
وإذ هي تذري الدمع منها الأنامل |
صبيحة قالت في العتاب : قتلتني ، وقتلي بما قالت هناك تحاول ثم قال لخادمه : يا مسرور ، احتفظ بها وأكرم محلها ، وأصلح لها كلّ ما تحتاج إليه من المقاصير والخدم والجواري إلى وقت رجوعي ، فلو لا ما قال الأخطل حين يقول (٨) :
__________________
(١) بالأصل : «نا القاضي».
(٢) الخبر في الجليس الصالح الكافي للقاضي المعافى بن زكريا الجريري ١ / ٤٢٥ ومصارع العشاق ص ٢٥٧ وباختلاف الرواية في البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ٣٠٦ وفتوح ابن الأعثم ٨ / ٣٣٣.
(٣) الأصل : القاضي ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٤) عن الجليس الصالح وبالأصل : حامد.
(٥) الجليس الصالح : الموكبي.
(٦) الجليس الصالح : توصف به.
(٧) الجليس الصالح : وجرت.
(٨) ديوان الأخطل ط بيروت ص ٢٣.