عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو القاسم علي بن بشري بن عبد الله العطار ، أنا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري ، حدّثني محمّد بن إبراهيم البغدادي ، حدّثني الحارث بن أحمد العبدي ، نا الحسن بن عبدوس الصفار قال (١) :
كان الحسن بن سهل مألفا للأدباء ، وكان له مجلس ينتابه فيه أهل الأدب ، وكان رجل من أهل الأدب يأتيه ، قال : فلما تهيأ عرس بوران أهدى الناس إلى الحسن بن سهل وكان ذلك الرجل فقيرا ، فأهدى إليه مزودين في أحدهما ملح طيب ، وفي الآخر أشنان (٢) طيب ، وكتب إليه : جعلت فداك خفة البضاعة قصرت ببعد الهمة ، وكرهت أن تطوى صحيفة أهل البر ولا ذكر لي فيها ، فوجهت إليك بالمبتدإ به ليمنه وبركته وبالمختوم به لطيبه ونظافته وكتب إليه في أسفل رقعته :
بضاعتي تقصر عن همّتي |
|
وهمّتي تقصر عن مالي |
فالملح والأشنان يا سيدي |
|
أحسن ما يهديه (٣) أمثالي |
قال : فأخذ الحسن المزودين ودخل بهما على المأمون ، فاستحسن ذلك وأمر بالمزودين ففرغا وملئا دنانير.
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري ، نا أحمد بن سعيد الدمشقي ، حدّثني الزبير بن بكّار ، حدّثني أبو عبد الرّحمن العتبي قال :
جاءني رجل من أصحاب الصنعة فقال : اذكرني لأمير المؤمنين ـ يعني ـ المأمون فإنّي أحل الطلق (٤) بين يدي أمير المؤمنين في يوم وبعض آخر فقلت : يا هذا ارتح نفسك والعناء ، واجلس في بيتك ، ولا تعرف (٥) أمير المؤمنين منك ، قال : فالحلّ عليه حرام ـ يعني الطلاق ـ وماله من قليل أو كثير صدقة لوجه الله تعالى ، وكلّ مملوك له حرّ إن كان كذبك فيما قال لك ،
__________________
(١) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ٣٠٤ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٨١ باختلاف الرواية.
(٢) الأشنان والإشنان : من الحمض معروف ، والذي تغسل به الأيدي (اللسان).
(٣) الأصل : تهدبه ، والمثب عن البداية والنهاية.
(٤) الطلق كمثل وهو حجر براق يتشظى إذا دق صفائح وشظايا يتخذ منها مضاوي للحمامات بدلا عن الزجاج (القاموس المحيط) وانظر في ماهيته وخواصه (تذكرة داود الأنطاكي : بتحقيقنا).
(٥) كذا ، وفي المطبوعة : تغر.