نعمتي أوليائي ، ويستعبدهم [غيري](١) فأكون قد صيّرت أحرارا أرقاء.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا الحسن بن علي الرّبعي ، نا قحطبة بن حميد بن الحسن بن قحطبة قال (٢)
كنت واقفا على رأس المأمون أمير المؤمنين يوما وقد قعد للمظالم ، فأطال الجلوس حتى زالت الشمس ، فإذا امرأة قد أقبلت تعثر في ذيلها حتى وقفت على طرف البساط ، فقالت : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم فأقبل يحيى عليها فقال : تكلمي ، فقالت : يا أمير المؤمنين قد حيل بيني وبين ضيعتي ، وليس لي ناصر إلّا الله تبارك وتعالى ، فقال لها يحيى بن أكثم : إن الوقت قد فات ، ولكن عودي يوم المجلس ، قال : فرجعت فلما كان يوم المجلس قال المأمون أول من يدعى المرأة المطلوبة فدعي بها فقال لها : أين خصمك؟ قالت : واقف على رأسك يا أمير المؤمنين ، قد حيل بيني وبينه ، وأومأت إلى العبّاس ابنه ، فقال لأحمد بن [أبي](٣) خالد خذه بيده وأقعده معها ، ففعل ، فتناظرا ساعة حتى علا صوتها عليه ، فقال لها أحمد بن أبي خالد : أيتها المرأة ، إنك تناظرين الأمير ـ أعزّه الله ـ بحضرة أمير المؤمنين ـ أطال الله بقاءه ـ فاخفضي عليك ، فقال المأمون : دعها يا أحمد ، فإنّ الحقّ أنطقها ، والباطل أخرسه ، فلم تزل تناظره حتى حكم لها المأمون عليه ، وأمر بردّ ضيعتها ، وأمر ابن أبي خالد أن يدفع إليها عشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتّاني ، أنا أحمد بن عبد الرّحمن التميمي ، أنا أبو القاسم عبد المحسّن بن علي (٤) الصّفّار ، نا أبو بكر عبد الرّحمن بن محمّد بن الدّرفس الغسّاني ، نا وريزة (٥) بن محمّد ، نا العبّاس بن محمّد الهاشمي قال :
إني لواقف بين يدي المأمون إذ دخلت عليه امرأة في أخريات الناس في أطمار بالية وقد أذّن المؤذن فقالت :
يا خير منتصف يهدى له الرّشد |
|
ويا إماما به قد أشرق (٦) البلد |
__________________
(١) الكلمة استدركت للإيضاح عن المختصر.
(٢) الخبر في العقد الفريد بتحقيقنا ١ / ٣٩ ـ ٤٠ ونهاية الأرب ٦ / ٢٧٦ باختلاف بعض الألفاظ في الرواية والشعر.
(٣) سقطت من الأصل.
(٤) المطبوعة : عمر.
(٥) ضبطت عن تبصير المنتبه ٤ / ١٤٧١ بالضم وفتح الزاي مؤخرة ، وبالأصل : «وزيرة».
(٦) الأصل : أشرف ، والمثبت عن العقد الفريد ١ / ٣٩.