ولم نزل نسرح في روض من ذلك الاجتماع ، ونشرح ما وجدناه من البعد والانقطاع ، ونجول في ميادين بحوث ونقول ، في أنواع العلوم المعقول منها والمنقول ، ونتجاذب أطراف أخبار ، ونتذاكر مذاكرة ألطف من نسيم الأسحار ، حتى هرم شباب ذلك النهار ، وأخذ بنيانه في الانهيار ، وأذنت الشمس بالغروب وانثنى قوس حاجبها وهو محجوب ، وحلّ من الصيام الإفطار ، وذرّ إثمد الليل في عيون الأقطار ، فصلّينا بالزاوية صلاة المغرب ، ثم قدّم لنا سماطا عن كرم شيم مقدّمه معرب ، مشتمل على كل نوع مفتخر معجب ، ثم ودّعنا هو وإخوته ومن حضر ، وقرأوا الفاتحة ودعوا لنا بجمع الشمل (١) بعد قضاء الوطر ، وأرسلوا معنا إلى المخيم (٢) خمسة رجال بأسلحة من قسي (٣) ونبال ، وفارقت من فارقت لا عن ملالة ، وودعت من ودعت لا عن تعوض ، وصدروا من الوداع ووردت ، [١٩ أ] واجتمعوا في تلك البقاع وانفردت ، (وأتهموا في بلادهم وأنجدت) (٤) ، وسرت : [من البسيط]
ولوجدي من العروض بسيط |
|
ومديد ووافر وطويل |
لم أكن عارفا بهذا إلى أن |
|
قطّع القلب بالفراق الخليل (٥) |
وتمثّلت وقد جدّ العزم بقول أبي المغيرة بن حزم : [من الخفيف]
__________________
(١) سقطت هذه الكلمة من (ع).
(٢) وردت في (ع): «الخيم».
(٣) القسي : الأقواس ، جمع قوس.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (م) و (ع).
(٥) البيتان في تاج المفرق ٢ : ٩١ بلا عزو. وفي معاهد التنصيص ٣ : ١٥١ منسوبة لنصر الله بن الفقيه المصري باختلاف في الرواية :
وبقلبي من الفراق مديد |
|
وبسيط ووافر وطويل |
لم أكن عالما بذاك إلى أن |
|
قطّع القلب بالفراق الخليل |