وبالغوا في
التأكيد وزادوا فلم يمكنني [١٧٢ أ] إلّا
المضي معهم إلى حيثما أرادوا ، ولم تزل أهل محلّته يوافونا في الطريق زمرا ،
ويفدون علينا نفرا فنفرا ، إلى أن نزلنا في ذلك المكان ، وهو بالقرب من ضريح الشيخ
علوان ، فتلقّانا ولده بالسلام ، وبالغ في الترحيب والإكرام ، وأقمت عنده ثلاثة
أيام ، آخرها يوم الاثنين ثالث عشرين الحجّة الحرام ، أجتلي في تلك الأيام وأجتلب
، وأجتني ولا أجتنب ، وأقتني لكل ما أحب : [من البسيط]
فالكفّ عن صلة
والأذن عن حسن
|
|
والعين عن قرّة
والقلب عن حائر
|
فوجدته درّة بين
النّاس مغفلة ، وخزانة على كل فائدة مقفلة ، وهدية من الدهر الضنين محتفلة ،
وحسنة من الدهر الكثير العيوب ، ونوبة من الزمن الجمّ الذنوب ، بما شئت من أدب يتألق ، وفضل تتعطر به النسمات وتتخلّق ، ونفس كريمة الشمائل
والضرائب ، وقريحة يقذف بحرها بدرر الغرائب وجواهر الرغائب ، إلى خشية لله تحول
بين القلوب وقرارها ، وتثني النفوس عن اغترارها ، ولسان [١٧٢ ب] يبوح بأشواقه ،
وجفن يسخو بدرر آماقه ، وحرص على لقاء كل ذي علم وأدب ، ومن يمت إلى أهل الديانة
والعبادة بسبب ، مع نزاهة عن الدنيا ، وهمّة نيطت بالثريّا ، ولهجة ترقوق فيها ماء
البشر فأحيا وحيّا ، ومحاضرة مستفزة للحلوم ، ودعابة ما
__________________