ومنهم الشيخ
العلّامة والقدوة الفهّامة ، والإمام الأوحد ، والهمام الأمجد ، مولانا خجا جلبي
بن مولانا محيي الدّين محمد ، أحد المدرسين الثمانية ، ذو همّة عليّة ، وفطنة ألمعيّة
، ووقار ما مثله وقار ، ومآثر كأنها علم في رأسه نار ، ومفاخر طوالعها صبح ونهار ،
وسجايا عريقة المجد ماجد الأعراق ، خليقة بالحمد حميدة الأخلاق ، قد سقته العلوم
زلالها ، ومدّت عليه ظلالها ، وأحلّته الجلالة حلالها ، وسقته الأصالة عذبها
وسلسالها ، فعلا قدرا ، ولاح في سماء السناء بدرا ، وصار لأولئك الصدور صدرا ، وقع
بيني وبينه بحث في أنّ النعت في قوله تعالى (لا يُسْمِنُ وَلا
يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) متعلّق بطعام أو بضريع فهو مال ، وأنا قلت : متعلّق بضريع
، وذكر كل منّا حجّته في ذلك ، ثم أوردت عليه ظاهر الحصر منّا مع أنه طعامهم
الزّقّوم ، وهو [١٤٤ أ] غير الضريع ، وشرابهم الحميم ، فأجاب بأنّ ذلك يختلف بتعدد
الأشخاص ، واعترضت ... في الصفوة فإنه جزم بها مكسورة الصّاد لا غير ، فقلت له بل
هي مثلثة الصّاد ، وبيننا وبينه محبّة وصحبة ، وهو يتأدّب معي كثيرا ، ويجلّني
إجلالا كبيرا ، وهو صهر مولانا حاجي چلبي أخو زوجته الكبرى ، وهي أم ولده الكبير .
ومنهم الإمام
العالم العامل ، والهمام الأمجد الكامل ، القدوة الأمّة ، وأحد أئمة الأمة ، ذو
المناقب الرضيّة المرضيّة ، والأخلاق الزكية ، الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد شمس
الدّين شمسي جلبي أحد مدرسيّ الثمانية ، بيننا وبينه محبّة وصحبة ، ومصافاة وموافاة ، وذكر لي
أنّ سنّة دون الخمسين سنة ، مع أنّه نقي الشيبة ذو شيبة حسنة ، وأنشدته بحضرة
مولانا حاجي جلبي لشيخ الإسلام تقي الدّين بن دقيق العيد بسندي إليه قوله : [من
الطويل]
__________________