ذلك النهار) (١) جماعة ممن كان صحبنا في الطريق ، وممن عدّ في ذلك الفريق ، واتّسم لنا بسمة الرفيق ، راجعا كل منهم إلى بلده ، مؤملا لقي أهله وولده ، فحمّلناهم أطيب السّلام إلى أحبابنا بأرض الشّام ، وقد فنى القلب تحرقا وثوب الصبر تمزقا وتذكرنا مرارة الفراق (٢) وحلاوة اللقاء ، فتزايد من الجوانح الالتهاب ، ومن الدموع الانسراب والانسكاب ، ولم يمكننا لهم إذ ذاك كتابة كتاب ، وتمثّلت بقول أبي حيّان (٣) بوّاه الله تعالى غرف الجنان : [من الخفيف]
لم أؤخر عمّن أحبّ كتابي |
|
لقلى فيه أو لترك هواه |
غير أني إذا كتبت كتابا |
|
غلب الدّمع مقلتي فمحاه |
وأنشدتهم والقلب في شغل شاغل ، والدمع من العينين سائل ، للصلاح الإربليّ نديم الملك الكامل (٤) :
بالله عليك أيها المرتحل |
|
بلغ عني أحبتي ما فعلوا |
قل مات فإن قالوا متى قل لهم |
|
من يوم فراقكم أتاه الأجل [١٣٥ أ] |
وأنشدتهم والفؤاد مستعر ، والدمع منتثر ، وعلى الخدين (٥) منتشر ، والقلب لا
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٢) وردت في (ع): «الوالد».
(٣) هو محمد بن يوسف بن علي أبو حيان النحوي ، توفي سنة ٧٤٥ ه وأبياته في نفح الطيب ٢ : ٥٧١ ، وتاج المفرق ١ : ٢٣٠.
(٤) البيتان في تاج المفرق ٢ : ١٣٤.
(٥) وردت في (ع): «الخديد».