بسم الله الرّحمن الرّحيم
وبه أكتفي
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصّالحات ، وتدر البركات ، وبمنّته تغفر الزلات وتقال العثرات ، وبرحمته تقرّ العيون السخنات ، بلمّ الشّمل بعد الشتات ، وبرأفته يحصل للقلوب القلقة الثبات ، بوصل الحبل بعد البتات ، أحمده على توافر نعمائه التي مدّها علينا ظلا ظليلا ، وتواتر آلائه التي أولاها ووالاها مقاما ورحيلا ، وأشكره شكرا يكون بمزيد النعم كفيلا ، ولمديد الكرم الوافر الوافي منيلا ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، شهادة معترف بوجوب وجوده ، مغترف من بحار كرمه وجوده ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، أشرف رسله وسيد عبيده وناصر دينه القيم وصاحب لواء تحميده ، صلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأشياعه وجنوده ، ما عزمت همة امرء على إقامة ، أو همت عزيمته بسفر ، وما تجلّى صبح بلوغ المآرب عن سرى ليل المطالب وسفر ، أما بعد.
فهذا تعليق ، أبرزه عون من الله تعالى وتوفيق ، قصدت به ضبط موارد الرحلة الرّوميّة [٢ أ] ، وذكر معاهد الوجهة الشّماليّة ، والتنويه بأسماء بعض من جمعتنا به الرحلة من الأئمة الشيوخ ، ذوي التحقيق والرسوخ ، من أصحاب وخلّان وأصدقاء وإخوان ، ما بين أقران نبلاء ، وأعيان كملاء ، وتلامذة فضلاء ، زادهم الله علما وعملا ، ومن أركان دولة ملك البسيطة ، وقطب الدائرة التي هي بالعالم محيطة ، ظل الله في الأرض ، النافذ الأمر في الطول منها والعرض ، ملك البرّين والبحرين والعراقين ، وحامي الحرمين الشريفين ، سليمان الزمان وإسكندر العصر والأوان (١) السّلطان سليمان خان بن عثمان ، لا زالت شمس ملكه مشرقة الأنوار ، والدنيا لا بسة من شعار سلطانه حلل الفخار ، ولا زالوا هم مقيمين في دولته ميزان العدل بالقسط ، متعاضدين متفقين في نصرة الحق وإعلاء كلمته على أحسن نظام وأنسب
__________________
(١) إسكندر العصر والأوان : من الألقاب السّلطانية ، والمراد بالإسكندر هنا الإسكندر بن فيلبس اليوناني وهو الذي يؤرّخ بظهوره على الفرس وغلبته إياهم. انظر : صبح الأعشى ٦ : ٣٥.