متصعلكين على ضخامة ملكهم |
|
متواضعين على علوّ الشّان (١) |
وعلى قريب منها كانت أحوال أمراء بلادنا إلى ما قبل اليوم بنحو من ثلاثين عاما فقط ؛ إذ لم ينخر في عظامهم سوس المدنيّة الشّومى (٢) إلّا من عهد جديد.
وسلطان المهرة اليوم (٣) في نحو الخمسين من عمره ، واسمه : أحمد بن عبد الله بن محمّد ، ومقرّه سقطرى ، ولكنّ أبناء عمّه بسيحوت استقلّوا ببعض الأمور مع اعترافهم له بالسّيادة العامّة ورجوعهم إليه في المهمّات وقد ذكرت في «الأصل» صاحب سقطرى السّلطان عمر بمناسبة أنّ الضّابط الإنكليزيّ المسمّى : هينز زاره في سقطرى ، وحاول أن يرضيه عنها ؛ لوفائها بما تقصده حكومته لاستيداع الفحم بالبحر الهنديّ ، فقال : (إنّها هبة من الله للمهريّين ، يتلقّاها الأحفاد عن الأجداد ، ومعاذ الله أن أكون أنا السّبب في تضييعها عليهم).
ولكنّهم تمكّنوا في (٢٣) أبريل سنة (١٨٨٦ م) من إدخالها تحت الحماية بمعاهدة ، جاء في المادة الأولى منها : (إنّ الحكومة البريطانية تتعهّد بوضع جزيرة سقطرى وملحقاتها تحت سلطة السّلطان عبد الله بن سالم بن سعد بن عفرير وداخل حدوده ، تحت حماية جلالة الملكة الإمبراطورة).
وفي المادة الثّانية مثل ما في أخواتها ، وهو : (يتعهّد السّلطان عن نفسه وعن أقاربه وورثائه بالامتناع من الدّخول في أيّة مراسلة أو اتّفاقيّة مع أيّ دولة إلّا بعد إطلاع الحكومة البريطانيّة).
وعليها إمضاء السّلطان عبد الله بن سالم المذكور.
وشهودها : محمّد بن صالح جعفر ، وسالم بن أحمد بن سعد بن عفرير ،
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للمتنبّي في «العكبري» (٤ / ١٧٩) ، والمعنى : أنّهم على كثرة ملكهم ، وعظيم قدرهم .. كالصّعاليك ـ الفقراء الذين لا مال لهم ـ لكثرة غزواتهم ؛ فإنّهم لا يبقى معهم مال ، بل كل ما يغنمونه يخرجونه ، وهم على عظيم قدرهم يتواضعون إلى النّاس.
(٢) الشّومى : أي المشؤومة.
(٣) وكان ذلك سنة (١٣٦٧ ه).