حصن الشّاووش
هو رجل (١) من آل مرعيّ بن طالب الكثيريّين ، أقام زمانا طويلا بحيدرآباد الدّكن من الهند في خدمة النّظام الآصفي ، وترقّى في المراتب العسكريّة حتّى انتهى إلى رتبة شاووش ، فأفاد بها مالا طائلا ، وأكثر ما يفيض الأموال على مثله هناك ؛ كالقعيطيّ ، والعولقيّ ، وغالب بن محسن ، على حساب من تحت رئاستهم من العساكر حتّى جاء صرار جنك فضبط الأمور ، وفي ذلك يقول شاعر الحضارم :
ما اليوم جاء صرّار صرّ الملك صرّ |
|
وألقى سياسه من سياسة لنقليز |
إن عاد شي تركوب وإلا شي بصر |
|
وإلا مع الله يا طيور الطّيز ويز |
ولمّا وصل حضرموت .. كانت همّته متوجّهة إلى الإصلاح بين آل كثير ، وتوحيد كلمتهم ، وتأطيد الدّولة الكثيريّة بهم ، فبذل فيها أموالا كثيرة ، بسخاء عظيم ، ولم يتمّ له شيء ، إلّا أنّه وقع على شهرة عظيمة ، حتّى إنّه لمّا دخل إلى سيئون .. استقبله سلطانها المنصور بن غالب استقبالا شائقا ، حتّى كاد الأمراء يتساورون على الإمساك بيده في معرض استقباله .. حتّى اقتسموها ، فكانت لأحدهما اليمين ، وللآخر الشّمال ، إلّا أنّ صاحب اليمين ندم ؛ إذ مرّ أكثر الوقت وهي منتزعة منه لكثرة المصافحين!
وسمعت أنّ الشّيخ جعفر بن سالم ـ والد الشّيخ طالب بن جعفر وإخوانه ـ كان وكيلا له ، فأمره ذات يوم أن يعطي أحدا ممّن لا يؤبه به من آل كثير كمّيّة وافرة من الرّيالات ، ليستعين به على الإصلاح ، فقال له : إنّ هذا لا ينيخ ولا يثوّر ، ولا يملك شيئا من أمر الإصلاح فعزله ، وأضعف لذلك الصّعلوك العطاء.
وما زال كذلك حتّى ضحك عليه آل كثير ، وأتلفوا ماله بدون فائدة.
وفي أخبار الكساديّ والعموديّ من «الأصل» : أنّ آل عبد الله أمروا بنفوذ أربع مئة
__________________
(١) اسمه بدر بن علي بن جعفر بن مرعي بن طالب. «العدة» (٢ / ٢٩٣).