وكان الشّيطان ـ كما قال بعضهم ـ يفرق من الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر فرقه من ابن الخطّاب رضي الله عنه فلم يدخل المسيله في أيّامه ، ولكنّه لم يمت إلّا والشّيطان ممتلىء الصّدر غيظا من طول ما طرد عنها ، فاحتبى إثره في محراب مسجدها.
ونزغ الشّيطان بين أبناء الحبيب عبد الله بن حسين وأبناء الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى على أوقاف المسجد ونظارته ، وكان الّذي تولّى كبر المخاصمة السّيّد عقيل بن عبد الله بن عمر ، وكان له اختصاص شديد بالدّولة الكثيريّة ، فلم يبلّوا غليل صدره ، بل خذلوه ، فسافر إلى الهند وحالف آل القعيطيّ وهجم بهم على تريم ، وكانت حادثة النّويدرة وهي جانب تريم الشّماليّ ، واستولت عليه عساكر القعيطيّ من جهة دمّون ، بمساعدة آل تميم وخيانة من بعض عبيد الدّولة ، وكان ذلك في سنة (١٢٩٢ ه) ، ودام الحرب واحتلال النّويدرة إلى سنة (١٢٩٤ ه) ، وفي تلك الأثناء كانت وفاة السّيّد عقيل بن عبد الله بن يحيى عن أربعين ربيعا وأربعة أيّام ، أخبرني الفاضل الوالد أحمد بن عمر بن يحيى : أنّ عمّه عقيلا رأى كأنّ قائلا يقول له : عمرك أربعون عاما ، فانزعج ، ولكن عاد فرأى ذلك القائل يقول له : زدناك أربع مرّات ، فاطمأنّ.
فكانت الرّؤيا حقّا ، ولكن لم تكن الزّيادة إلّا أربعة أيّام.
وفي تلك السّنة أيضا انتصر القعيطيّ على العولقيّ وعلى الدّولة الكثيريّة في الحزم وصداع ، حسبما سبق عند ذكرهما.
وبإثر ذلك انعقد الصّلح بواسطة السّيّد عليّ بن عمر الحييد (١) ابن الشّيخ أبي بكر بن سالم ، والعلّامة السّيّد أبي بكر بن عبد الرّحمن بن شهاب على تخيير الدّولة الكثيريّة بين أن تخرج من تريم ، وتتسلّم عشرة آلاف ريال.
__________________
(١) هو السيد الفاضل الشريف علي بن عمر بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله الحييد بن أبي بكر بن حسن بن الحسين بن الشيخ أبي بكر.