قال تعالى : ( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ) (١) وقال سبحانه : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (٢) .
فالأعمال هي مقياس الفضيلة والرذيلة ، وأساس القرب من الرحمة الإلهية والبعد عنها ، إذ لا ينظر في تلك المحكمة إلى الصور والأشكال ، ولا إلى الأحساب والأنساب ، ولا إلى التجارة وكثرة الأولاد والأموال ، قال تعالى : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) (٣) وقال تعالى : ( لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللهِ شَيْئًا ) (٤) وقال سبحانه : ( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ ) (٥) . وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم » (٦) .
هذا هو بعض ما يلزم المؤمن الاعتقاد به ، ضمن دائرة الاعتقاد باليوم الآخر ، وهو يخلق في أعماق نفسه الزهد في الدنيا ، والورع عن محارم الله ، ويجعله يتردّد كثيراً قبل ارتكاب المعصية ، ويرتدع عنها بوازع ينبع من صميم نفسه المؤمنة بيوم الحساب ، ومراقبة ضميره الموقن بوجود الرقيب على الأعمال ، دون حاجة إلى مراقبة القانون وسلطته .
__________________________
١) سورة الانعام : ٦ / ١٦٤ .
٢) سورة المدثر : ٧٤ / ٣٨ .
٣) سورة المؤمنون : ٣٣ / ١٠١ ـ ١٠٣ .
٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٠ و ١١٦ ، وسورة المجادلة : ٥٨ / ١٧ .
٥) سورة الليل : ٩٢ / ١١ .
٦) تفسير الرازي ٢٢ : ١٣٥ ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت .