بعد الناصب علامة النصب وبعد الجار علامة الجر ، وكذا الحال في التثنية والجمع ، فآخر المعرب في هذه الصور يختلف باختلاف العوامل حكما لا حقيقة.
فإن قلت (١) : لا يتحقق الاختلاف لا في آخر المعرب ولا في العوامل (٢) إذا ركب بعرض الأسماء المعدودة غير المشابهة لمبني الأصل مع عامله الابتداء ؛ إذ لا يترتب عليه اختلاف الإعراب بل هناك حدوث الإعراب بدخول (٣) العامل. قلت : هذا حكم آخر من أحكام المعرب ، والاختلاف حكم آخر فلو لم يدخل أحد الحكمين في الآخر ، لا فساد (٤) فيه ، فإن للمعرب أحكاما كثيرة لم تذكر هاهنا ، فليكن هذا الحكم أيضا من هذا القبيل ، غاية الأمر أن هذا الحكم لا يكون من خواصه الشاملة.
(الإعراب (٥) : ما) أي : حركة (٦) ...
__________________
(١) قوله : (فإن قلت : ... إلخ) حاصل السؤال أن اختلاف العوامل لا يتحقق إلا إذا تحقق عامل عقيب عامل ، وكذا اختلاف آخر المعرب لا يتحقق إلا إذا تحقق معرب عقيب معرب آخر ، وإذا ركب بعض الأسماء المعدودة الغير المشابهة لمبني الأصل مع عامله ابتداء ، كما يقال : جاءني زيد ابتداء ، لا يختلف عامل بل وجد العامل ابتداء وآخر المعرب ، بل اختلف الاسم مطلقا ، وحاصل الجواب أن للمعرب حكمين : أحدهما اختلاف الإعراب بسبب اختلاف العوامل ، والثاني حدوث الإعراب بدخول العوامل ، وقد بين أحد الحكمين ولم يدخل فيه الآخر ، ولا فساد فيه ؛ إذ لا يلزم ذكر جميع أحكامه ، غاية الأمر أنه على هذا يلزم أن لا يكون خاصة شاملة لجميع أفراده ولا محذور فيه ، فإن الخاصة ما يختص بالشيء ولا يوجد في غيره ، سواء وجد في جميع أفراده أو بعضها ، كالضاحك وبالفعل أو بالقوة. (وجيه الدين).
(٢) يعني : لا يوجد اختلاف العوامل ، وإذا لم يوجد اختلافها لم يوجد الاختلاف أيضا في آخر المعرب ؛ لأن اختلاف آخره يتوقف على اختلاف العوامل لكن بشرط أن يكون الاختلاف في العمل. (محرم أفندي).
(٣) لأن الاسم قبل دخول العامل لم يكن فيه إعراب ؛ لأنه عند المصنف مبني ، فلما دخل عليه العامل صار معربا ، وظهر الإعراب فيه بدخوله وحدوثه. (توقادي).
(٤) لأن الفساد إنما يلزم إذا اتفقت الأحكام ولم يدخل بعضها ، أما إذا تغايرت فلا فساد في عدم دخول بعضها. (م).
(٥) وإنما سمي الإعراب إعرابا ؛ لأنه يبين المعاني الفاعلية والمفعولية والإضافة ، ويوضحها من قولهم : (أعرب الرجل عن صحبته) إذا تبين. (ودي).
(٦) كالقرنية عليه شهرة أمر الإعراب بأنه حركة أو حرف ، أو ما سنذكره في ضبط إعراب الأسماء ، ولا يخفى بعده. (ودي).