لأنك (١) إذا قلت : جاءني القوم سوى أو سواء زيد) فكأنك قلت : (مكان زيد) على المذهب (الأصح) وهو مذهب سيبويه فهما عنده لازما الظرفية.
وعند الكوفيين : يجوز خروجهما على الظرفية ، والتصرف فيهما رفعا ونصبا وجرا ك : (غير) (٢) متمسكين بقول الشاعر (٣) :
ولم (٤) يبقى سوى العدوان دنّاهم (٥) كما دانوا
__________________
ـ معنى البدل المطلق الاستثناء فسوى في الأصل بمعنى مكان مستو ثم صار بمعنى مكان ثم بمعنى بدل ثم بمعنى الاستثناء وظهر من هذا التحقيق أنه ظرف بحسب المعنى المراد فالبصريون نظروا إلى معنى الأصل والكوفيون إلى معنى المراد (لاري).
(١) كأنه قيل : إن الظرفية لا يخلو من أن يكون زمانا أو مكانا سوى وسواء ليسا من الزمان والمكان فأجاب بقوله : لأنك اه (لمحرره).
(٢) أي : كما يتصرف في غير رفعا ونصبا وجرا على حسب العوامل (م).
(٣) وهو سليمان بن شيبان ، وأول البيت :
فلما أصبح الشر وأمسى وعريانه |
|
ولم يبق سوى العدوان دناهم كما دنواه |
ـ أي : فلما ظهر الشر واستقر واشتد ولم يبق سوى العدوان ، ولفظ سوى مرفوع تقديرا على أنه فاعل لم يبق ، والعدوان كغفران بمعنى العداوة وقوله : (دناهم) أي : جازيناهم كما دانوا ، أي : كما فعلوا جواب لما وأجيب عنه بأنه محمول على الضرورة أو الشذوذ أو أن سوى ليس بفاعل لم يبق بل صفة لموصوف مقدر أي : لم يبق شيء سوى العداوة بل لقيت العداوة فقط (حاشية التيروي).
(٤) أول البيت :
فلما صرح البشر وأمسى وهو عريان
ـ عطف على قوله : (صرح في البيت السابق) وسوى فاعل لم يبق والعدوان بضم العين الظلم الصريح والعريان ودناهم جزيناهم من الدين وهو الجزاء يقال : دينا جازاه وهو جواب لما وصرح الشر يعني انكشف وصرحه أي : كشفه وأظهره ، وفي بعض النسخ مكان صرح أصبح وهي تامة وكذا أمسى بمعنى دخل في الصبح والمساء الشر والمعنى لما أظهر الشر كل الظهور ولم يبق بيننا وبينهم سوى الصبر على الظلم الصريح وتجاوز والأخذ والإنصاف إلى استعمال الظلم جزيناهم بمثل ما ابتدؤونا به (وجيه الدين).
(٥) أصله ديناهم مثل بيعنا فاعل أي : من الدين بكسر الدال وهو الجزاء كما قال الله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)[الفاتحة : ٤] أي : يوم الجزاء من دان يدين (شرح أبيات).