وتقدم (بسرا) على اسم التفصيل مع ضعفه في العمل ؛ لأنه إذا تعلق بشيء واحد حالان باعتبارين مختلفين (١) ، يلزم أن كل واحد منها متعلقة والبسرية تعلقت بالمشار إليه ب : (هذا) من حيث إنّه مفضل وهذه الحيثية وان لم تكن معتبرة فيه إلا بعد إضماره في (أطيب) لكنه لما كان الضمير بالنسبة إلى المظهر كالعدم أقيم المظهر مقامه ، وأوجبوا أن يليه (٢) والرطبية تعلقت به من حيث إنه مفضل عليه ، وهو ضمير (منه) فيجب أن يليه (٣).
قال الرضي : (وأما الضمير المستكن في (أفعل) فإنه وإن كان مفضلا لكنه لما لم يظهر كان كالعدم ، ومع هذا فلا أرى بأسا بأن يقال :
وإن لم يسمع (زيد أحسن قائما منه قاعدا).
وذهب بعضهم إلى أنّ العامل في (بسرا) (٤) اسم الإشارة (٥) أي : أشير إليه حال كونه بسرا ، وهذا ليس بصحيح (٦) ؛ لأنه يمكن أن يكون المشار إليه التمر اليابس ، فلا
__________________
(١) إذ الحال الأولى تعلقت بالمشار إليه بهذا باعتبار الأفضلية والحال الثاني أيضا تعلقت به باعتبار المفضولية فيكون اعتبار أحدهما مخالفا لاعتبار الآخر (توقادي).
(٢) أي : الحال ذلك المظهر لكون الحال تجب صاحبها حكما ؛ لأن صاحبه حقيقة المضمر في اسم التفضيل(م).
(٣) أي : الحال ضمير منه وهاهنا أن الضمير البارز لما كان ملفوظا حقيقة لم يكن كالمعدوم كالمستكن بل كان كالاسم الظاهر ولذا وجب أن يليه الحال كما يجب أن يلي المظهر (م).
(٤) فالعامل في كلا الحالين أطيب عند سيبويه وبه قال المازنيّ في أظهر قوله والفارسي في تذكرته وابن كيسان وابن جني. وقيل : العامل فيهما كان التامة أي : هذا كان بسرا أطيب منه إذا كان رطبا كما هو مذهب المبرد وابن سراج والسيرافي والفارسي في حلبياته وقيل : العامل في بسرا اسم الإشارة من معنى الفعل أي : أشير إليه ، وقيل : العامل فيه ما في حرف التنبيه من معنى الفعل أي : أنبه عليه ورجح الأول بما مر وقيده وضعف البواقي بوجوه كثيرة (زهي زاده نقلا من الأشباه).
(٥) لأنه لا يجوز أن يكون أفعل التفضيل عاملا فيه لضعفه في العمل فلا يتقدم معموله عليه (م).
(٦) لأنه يلزم تعريف العامل في الحالين وهذا وإن كان جائزا إلا أنه يستلزم الكراهة وتفضيل الشيء على نفسه باعتبار حالة واحدة وهو الرطبية ؛ لأنه إذا لم يكن اسم التفضيل عاملا في بسرا لا يدخل تحت التفضيل فيكون الرطبية مفضلا ومفضلا عليه في حالة واحدة وهذا باطل (توقادي).