وهذا ردّ (١) على جمهور النحاة ، حيث شرطوا اشتقاق الحال وتكلفوا في تأويل الجامد بالمشتق ومع هذا فلا شك أن الأغلب في الحال الاشتقاق.
(مثل) (بسرا ورطبا) في قولهم : (هذا بسرا) وهو ما (٢) بقي في حموضة.
(أطيب منه رطبا) وهو ما فيه حلاوة صرفه ، فهما مع كونهما جامدين حالان ، لدلالتهما على صفة البسريّة والرّطبية ، ولا حاجة إلى أن يؤول (البسر) بالمبسر (٣) و (الرطب) بالمرطب ، من أبسر النخل ، إذا صارما عليه بسرا ، وأرطب إذا صارما عليه رطبا.
والعامل في (رطبا) (أطيب) باتفاق النحاة ، وفي (بسرا) (٤) أيضا عند محققيهم(٥)
__________________
ـ بين سيبويه والجمهور ؛ لأن اشتراط الجمهور الاشتقاق خرج الحال وتأويل الجامد بالمشتق كاشتراط التنكير في الحال وتأويل المعرفة بالنكرة وذلك أن الحال النادر بالغالب حسن الطريق (طاشكندي).
(١) قوله : (وهذا رد على جمهور النحاة) قال الرضي : وهو الحد ؛ لأن الحال هو المبين للهيئة كما ذكر حده وكل ما قام بهذه الفائدة فقد يحصل المقصود فيه المطلوب من الحال بلا تكلف تأويل بالمشتق (وجيه الدين).
(٢) قوله : (ما بقي فيه حموضة) الأظهر أن يقال : ما بقي فيه نوع حموضة ، قال في الصراح : بسر غوراه خرما، أول ما بدأ من النخل طلح ثم خلال بالفتح ثم بلح بالتحريك ثم بسر ثم رطب ثم تمر (عب).
(٣) أي : إذا أريد تأويل الاسم الجامد إلى المشتق اشتق منه اسم الفاعل واسم المفعول وغيرهما (لمحرره).
ـ بكسر السين وفتحها وعلى الأول يكون الإسناد مجازيا عقليا بعلاقة المتعلقية ؛ لأنه بالكسر صفة النخل ؛ لأن النخل مبسر بالكسر وإذا أطلق على عاملها يكون إطلاقا مجازيا لا حقيقة وعلى الثاني يكون حقيقة ؛ لأنه بالفتح يكون صفة ما عليها (م).
(٤) وقد اختلفوا في بسرا أما العامل فيه فذهب قوم إلى أن عامله اسم الإشارة وليس لهم حجة على ذلك سوى ما استبعدوا أن يكون أفعل التفضيل عاملا فيما قبله مع ضعفه في العمل ، وذهب قوم إلى العامل فيه أطيب ؛ لأنهم اتفقوا على جواز تمر نخل يبسرا أطيب منه رطبا والعامل في بسرا أطيب بالاتفاق ؛ إذ هو متعين لذلك فلما أعمل أطيب في الحال المتقدمة هاهنا عمله ثم ؛ إذ هما نظيران (غجدواني).
(٥) لأنه يجوز تقديم الحال على اسم التفضيل تشبيها لها بالظرف (فاضل أمير).