فإنه (١) لم يوجد في كلامهم استعمال الأفعال العاملة في هذه المصادر. وهذا (٢) معنى وجوب (٣) الحذف سماعا ، قيل عليه : قد قالوا (٤) ، حمدت الله حمدا وشكرته شكرا ، وعجبت عجبا ، فأجاب بعضهم (٥) : بأن ذلك ليس من كلام الفصحاء ، وبعضهم (٦) : بأن وجوب الحذف إنما هو فيما استعمل باللام نحو : حمدا له ، وشكرا له ، وعجبا له.
(و) قد يحذف الفعل الناصب للمفعول المطلق حذفا واجبا (قياسا) أي : حذفا قياسيا ، يعلم له ضابط (٧) كلي يحذف معه الفعل لزوما (في مواضع) (٨) متعددة (منها) أي : من هذه المواضع موضع (ما وقع) أي : المفعول المطلق وقع فيه (مثبتا) أي : أريد
__________________
(١) هذا دليل للدعوى المفهومة ضمنا ، وهو أن المصادر مما حذف فعلها وجوبا سماعا. (عصمت).
(٢) أي : عدم وجود الاستعمال الأفعال العامة ، وعدم القاعدة يعرف الحذف به. (لمحرره).
(٣) قال المصنف في شرحه : وحاصلها أنها مصادر كثرت استعمالهم فخففوها بحذف أفعالها ، فجعلوا المصدر عوضا عنها ؛ لكثرة فهي في المعنى معللة بالكثرة ، إلا أن الكثرة لما تعذر معرفة ما كثرت بعينه احتيج إلى السماع. (عوض أفندي).
(٤) يعني : أن هذه المصادر الثلاثة مما وجب حذف عاملها سماعا ، بل يكون داخلا تحت القياس فلا يكون مما نحن فيه. (جلبي).
(٥) وهذا الجواب ليس بشيء ؛ إذ لا نزاع لأحد في استعمال حمدت حمدا ، وشكرت شكرا. (سيدي).
(٦) قال الشيخ الرضي : الذي أرى أن هذه المصادر وأمثالها إذا بين فاعلها أو مفعولها بالإضافة ، أو بحرف الجر ، ولم يقصد بها بيان النوع وجب حذف نواصبها ، يعني قياسا ، وإذا لم يبين لم يجب ، وذلك مثل : (صِبْغَةَ اللهِ)[البقرة : ١٣٨] وكتاب وسبحان الله ، وسعديك ، سحقا له ، وحمدا لك. (عب).
(٧) ويجوز أن يكون المراد منه هو الدليل الموجب للحذف ، وهو التزام غيره موضعه مع القرنية الدالة عليه.(عافية).
(٨) نبه بصيغة جمع الكثرة على أنه لا ينحصر حذفه الواجب فيما ذكره من المواضع الستة. (توقادي).
ـ قال : منها ، ولم يقل : هي كذا وكذا ؛ لأن المواضع لا تنحصر فيما ذكر ، فإن منها المصدر الذي يقصد به التوبيخ نحو : أقعودا والناس قيام ؛ وقد تنوب الصفة مقامه نحو : أقاعدا والناس قيام. (لارى).