يوسف ، حفظه (١) الله سبحانه وتعالى عن موجبات التلهف والتأسف ، وسميتها بالفوائد الضيائية ؛ لأنه لهذا الجمع والتأليف كالعلّة (٢) الغائيّة (٣) ، نفعه الله تعالى بها وسائر المبتدئين من أصحاب التحصيل (٤) ، وما توفيقي (٥) إلا بالله ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
اعلم أن الشيخ رحمهالله لم يصدر رسالته هذه بحمد الله سبحانه ، بأن جعله جزءا (٦) منها هضما لنفسه بتخيل (٧) أن كتابه هذا من حيث أن (٨) كتابه ليس ككتب السلفرحمهمالله تعالى حتى يصدر به على سننها ، ولا يلزم من ذلك عدم الابتداء (٩)
__________________
(١) وقوله : (حفظه) وفي عبارة التأسف تلميح إلى قصة يوسف عليهالسلام ، قال يعقوب يا أسفا على يوسف ، اللآن ، فلعطف يخفى للحسن للتذلل مع أنه من المكملين.
(٢) فاعلم أن العلل أربع عندهم ، العلة الفاعلية : وهي مؤلف هذا الكتاب ، والعلة المادية : وهي ألفاظ ، وكلمات الكتاب ، والعلة الصورية : جرم هذا الكتاب ، والعلة الغائية : وهي تعلم يوسف هذا الكتاب واشتغاله به.
(٣) قوله : (كالعلة الغائية) تكون مقدما على الفعل تصورا ومؤخرا وجودا كجلوس السلطان على السرير ، وأما ضياء الدين في هذا المقام ليس علة غائية بل يشبهها من حيث السببية ، فلذا قال الشارح : كالعلة.
(٤) أي : من المتعلمين ؛ لأنه التحصيل خاص في العرف بتحصيل العلم ، وهذا احتراز من أهل الصنائع والحرف. (مصطفى جلبي).
(٥) التوفيق على ستة أوجه : الأول معرفة الشيء بما هو حقه ، وثانيها سهل ، وثالثها دل جعل الله فعل عباده موافقا ويرضاه ، ورابعها باب سد المعصية وفتح باب الخير ، وخامسها وهو الأمر المقرب إلى السعادة الأبدية والكرامة السرمدية ، وسادسها جعل الشيء موافقا للشيء يعني : جعل السباب موافقا للمسببات.
(٦) لأن الجزئية لا يكون إلا بالكتاب لا قولا ولا قلبا ؛ لأنه ليس من شأن المصنف أن لا يصدرها بالحمد القولي ولا بالقلبي ، فعدم التصدير بالجملة الفعلي والقولي والقلبي حين الشروع في شيء من الأشياء ، ليس من شأن العاقل فضلا عن المصنف الفاضل.
(٧) قوله : (بتخييل) مصدر مضاف إلى مفعوله الثاني وفاعله ، ومفعول الأول محذوف تقديره : بتخييل نفسه نقصان كتابه بهذا الترك هو نفس المصنف لا غيره. (محمد أمين).
(٨) (من حيث إنه ... إلخ) فائدة قيد الحشية واضحة ، فإن هذا الكتاب في حدّ ذاته كتاب فائق وبحر موج رائق. (حلبي).
(٩) قوله : (ولا يلزم ... إلخ) وهو عدم العمل بالحديث عند عدم التصدير بالحمد وهو يستلزم إلا قطعية ، فدفع الشارح بقوله : (ولا يلزم ... إلخ).