وأخبرني أبو الوليد قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد الحافظ قال أنبأنا محمّد ابن سعيد التاجر قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال سمعت حاشد بن إسماعيل يقول : كان أبو عبد الله بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام ، وكنا نقول له : إنك تختلف معنا ولا تكتب فما معناك ، فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوما : إنكما قد أكثرتما عليّ وألححتما ، فاعرضا على ما كتبتما. فأخرجنا ما كان عندنا ، فزاد على خمسة عشر ألف حديث ، فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا على حفظه ، ثم قال أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي؟ فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد. قال : وكان أهل المعرفة من أهل البصرة يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق ، فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه. قال : وكان أبو عبد الله عند ذلك شابا لم يخرج وجهه.
أخبرني الحسن بن محمّد الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر الحافظ قال نبأنا خلف بن محمّد قال سمعت أبا العبّاس الفضل بن إسحاق بن الفضل البزّار يقول : حدّثنا أحمد بن المنهال العابد قال نبأنا أبو بكر الأعين قال كتبنا عن محمّد بن إسماعيل على باب محمّد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة ، فقلت : ابن كم كنت؟ قال : كنت ابن سبع عشرة سنة (١).
وأخبرني الحسن بن محمّد قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال سمعت أبا القاسم منصور بن إسحاق بن إبراهيم الأسديّ يقول سمعت أبا محمّد عبد الله بن محمّد بن إبراهيم الداغوني يقول سمعت يوسف بن موسى المروروذي يقول : كنت بالبصرة في جامعها إذ سمعت مناديا ينادي : يا أهل العلم ، قد قدم محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، فقاموا في طلبه ، وكنت معهم ، فرأينا رجلا شابا لم يكن في لحيته شيء من البياض يصلي خلف الأسطوانة ، فلما فرغ من الصلاة أحدقوا به ، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم إلى ذلك ، فقام المنادي ثانيا فنادى في جامع البصرة : قد قدم أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، فسألناه أن يعقد مجلس الإملاء فقد أجاب بأن يجلس غدا في موضع كذا. قال : فلما أن كان بالغداة حضر الفقهاء والمحدثون والحفاظ والنظار حتى اجتمع قريب من كذا وكذا ألفا. فجلس أبو عبد الله محمّد
__________________
(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٩.