أخبرنا عليّ بن المحسن القاضي قال حدّثني أبي أبو عليّ المحسن بن عليّ قال نبأنا أبو بكر الصولي قال نبأنا عون بن محمّد الكندي قال قال لي محمّد بن أبي أمية الكاتب كنت أنا وأخي نكتب للعبّاس بن الفضل بن الرّبيع ، فجاءه أبو العتاهية مسلما ، فأمره بالمقام عنده فقال : على شريطة أن ينشدني كاتبك هذا من شعره ، وأومأ إلي. فقال : ذلك لك وتغدينا ، فقال الشرط؟ فأمرني أن أنشده فحصرت وقلت ما أجسر على ذلك ولا ذاك قدري. فقال إن أنشدني وإلا قمت. فجدّ بي فأنشدته :
رب قول منك لا أنساه لي |
|
واجب الشكر وإن لم تفعل |
أقطع الدهر بظن حسن |
|
وأجلّى غمرة ما تنجلي |
وأرى الأيام لا تدنى الذي |
|
أرتجي منك وتدنى أجلي |
كلما أمّلت يوما صالحا |
|
عرض المكروه لي في أملي |
قال فبكى أبو العتاهية أشد بكاء ثم قال إن لم تزدني قمت. فقال لي : زده ، فأنشدته:
بنفسي من يناجيه |
|
ضميري بأمانيه |
ومن يعرض عن ذكري |
|
كأني لست أعنيه |
لقد أسرفت في الذل |
|
كما أسفرت في التيه |
أما تعرف لي إحسا |
|
ن يوم فتجازيه؟ (١) |
قال فزاد والله بكاؤه.
شاعر رقيق الشعر ، وقد اختلط شعره بشعر عمه ، لأن كثيرا من الناس لم يفرقوا بينهما.
أخبرنا عليّ بن أبي علي البصريّ قال أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنشدنا أبو بكر بن الأنباريّ قال أنشدنا أحمد بن عبيد النّحويّ لمحمّد بن أمية :
تتيه جهلا بلا دين ولا حسب |
|
على ذوي الدين والأنساب والحسب |
من هاشم أنتم بخ بخ وأنت غدا |
|
مولى وبعد غد جلف من العرب |
إن صح هذا فأنت الناس كلّهم |
|
يا هاشميّ ويا مولى ويا عربي |
__________________
(١) انظر : المنتظم ٩ / ٢١١.