كان معربا ؛ فيبنى على الفتح في نحو : «لا رجل ، ولا رجال» ، ومنه : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) [يوسف : ٩٢] ، (قالُوا لا ضَيْرَ) [الشعراء : ٥٠] ، (يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ) [الأحزاب : ١٣] ؛ وعلى الياء في نحو : «لا رجلين» ، و «لا قائمين» ، وعن المبرّد أن هذا معرب لبعده بالتثنية والجمع عن مشابهة الحرف ؛ ولو صحّ هذا للزم الإعراب في «يا زيدان» ، و «يا زيدون» ولا قائل به ؛ وعلى الكسرة في نحو : «ولا مسلمات» وكان القياس وجوبها ولكنه جاء بالفتح ، وهو الأرجح ، لأنها الحركة التي يستحقّها المركب ، وفيه ردّ على السيرافي ، والزجّاج إذ زعما أن اسم «لا» غير العامل معرب ، وأن ترك تنوينه للتّخفيف.
ومثل «لا رجل» عند الفرّاء «لا جرم» ، نحو : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [النحل : ٦٢] ، والمعنى عنده : لا بدّ من كذا ، أو : لا محالة في كذا ، فحذفت «من» أو «في» ؛ وقال قطرب : «لا» ردّ لما قبلها ، أي : ليس الأمر كما وصفوا ، ثم ابتدىء ما بعده ، و «جرم» : فعل ، لا اسم ، ومعناه وجب وما بعده فاعل. وقال قوم : «لا» زائدة ، وجرم وما بعدها فعل وفاعل كما قال قطرب ؛ وردّه الفراء بأن «لا» لا تزاد في أول الكلام ؛ وسيأتي البحث في ذلك.
والثالث : أن ارتفاع خبرها عند إفراد اسمها ، نحو : «لا رجل قائم» بما كان مرفوعا به قبل دخولها ، لا بها ، وهذا القول لسيبويه ، وخالفه الأخفش والأكثرون ؛ ولا خلاف بين البصريين في أن ارتفاعه بها إذا كان اسمها عاملا.
الرابع : أن خبرها لا يتقدّم على اسمها ولو كان ظرفا أو مجرورا.
الخامس : أنه يجوز مراعاة محلّها مع اسمها قبل مضيّ الخبر وبعدها ؛ فيجوز رفع النّعت والمعطوف عليه ، نحو : «لا رجل ظريف فيها» ، و «لا رجل وامرأة فيها».
السادس : أنه يجوز إلغاؤها إذا تكرّرت ، نحو : «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» ؛ ولك فتح الاسمين ، ورفعهما ، والمغايرة بينهما ، بخلاف نحو قوله [من المنسرح] :
١٩٥ ـ إنّ محلّا وإنّ مرتحلا |
|
وإن في السّفر إن مضوا مهلا (١) |
فلا محيد عن النصب.
__________________
(١) البيت من المنسرح ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٢٨٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٥٢ ـ ٤٥٩ والدرر ٢ / ١٧٣ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٣٢٩ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٢٧.