وإما في الآخر ، كقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» (١)
وإن كانا غير متقاربين سمي لاحقا.
ويكونان أيضا إما في الأول ، كقوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (١) [الهمزة : الآية ١] وقول بعضهم : «ربّ وضيّ غير رضيّ» ، وقول الحريري : «لا أعطي زمامي لمن يخفر ذمامي».
وإما في الوسط ، كقوله تعالى : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٧٥) [غافر : الآية ٧٥] ، وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٨) [العاديات : الآيتان ٧ ، ٨].
وإما في الآخر كقوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ) [النّساء : الآية ٨٣].
وقول البحتري :
هل لما فات من تلاق تلاف |
|
أم لشاك من الصبّابة شافي (٢) |
وإن اختلفا في ترتيب الحروف سمي جناس القلب ، وهو ضربان :
١ ـ قلب الكل : كقولهم : «حسامه فتح لأوليائه ، حتف لأعدائه».
٢ ـ وقلب البعض ، كما جاء في الخبر : «اللهمّ استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا» (٣) ، وقول بعضهم : «رحم الله امرأ أمسك ما بين فكّيه ، وأطلق ما بين كفّيه». وعليه قول أبي الطيب :
ممنّعة منعّمة رداح |
|
يكلّف لفظها الطير الوقوعا (٤) |
وإذا وقع أحد المتجانسين جناس القلب في أول البيت ، والآخر في آخره ؛ سمي مقلوبا مجنّحا.
وإذا ولي أحد المتجانسين الآخر سمي مزدوجا ، ومكرّرا ، ومردّدا ، كقوله تعالى : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) [النمل : الآية ٢٢] ، وما جاء في الخبر : «المؤمنون هينون
__________________
(١) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٤٣ ، ٤٤ ، والخمس باب ٨ ، والمناقب باب ٢٨ ، ومسلم في الزكاة حديث ٦ ، والإمارة حديث ٩٧ ، ٩٨.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو في ديوان البحتري ٣ / ١٣٨٥ ، والطراز ٢ / ٣٦٧.
(٣) أخرجه أبو داود في الأدب باب ١٠١ ، وابن ماجه في الدعاء باب ١٤ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٥ ، ٣ / ٣.
(٤) البيت من الوافر ، وهو في ديوان المتنبي ١ / ١٣٣.