قائمة الکتاب
القول في التشبيه
١٦٤
إعدادات
الإيضاح في علوم البلاغة
الإيضاح في علوم البلاغة
المؤلف :جلال الدين محمّد بن عبد الرحمن بن عمر بن أحمد
الموضوع :اللغة والبلاغة
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :415
تحمیل
ثم اللفظ المراد به لازم ما وضع له : إن قامت قرينة على عدم إرادة ما وضع : فهو له مجاز ، وإلا فهو كناية.
ثم المجاز منه الاستعارة ، وهي ما تبتنى على التشبيه ، فيتعين التعرض له.
فانحصر المقصود في التّشبيه والمجاز ، والكناية ، وقدّم التشبيه على المجاز لما ذكرنا من ابتناء الاستعارة التي هي مجاز على التشبيه ، وقدّم المجاز لنزول معناه من معناها منزلة الجزء من الكلّ.
القول في التشبيه
التشبيه : الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى.
والمراد بالتشبيه هاهنا : ما لم يكن على وجه الاستعارة التحقيقية ، ولا الاستعارة بالكناية ، ولا التجريد.
فدخل فيه ما يسمّى تشبيها بلا خلاف. وهو ما ذكرت فيه أداة التشبيه ، كقولنا : «زيد كالأسد» أو «كالأسد» بحذف «زيد» لقيام قرينة.
وما يسمّى تشبيها على المختار كما سيأتي ، وهو ما حذفت فيه أداة التشبيه ، وكان اسم المشبّه به خبرا للمشبّه ، أو في حكم الخبر ، كقولنا : «زيد أسد» وكقوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (١٨) [البقرة : الآية ١٨] أي : هم ، ونحوه قول من يخاطب الحجّاج : [عمران بن حطان]
أسد عليّ ، وفي الحروب نعامة |
|
فتخاء تنفر من صفير الصّافر (١) |
وكقولنا : «رأيت زيدا بحرا».
وإذا قد عرّفت معنى التشبيه في الاصطلاح ؛ فاعلم أنه مما اتفق العقلاء على شرف قدره ، وفخامة أمره في فنّ البلاغة ، وأن تعقيب المعاني به ـ يضاعف قواها في تحريك النفوس إلى المقصود بها مدحا كانت أو ذمّا ، أو افتخارا ، أو غير ذلك.
وإن أردت تحقيق هذا فانظر إلى قول البحتري :
دان على أيدي العفاة وشاسع |
|
عن كل ندّ في النّدى ، وضريب (٢) |
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو لرجل من الخوارج في جمهرة اللغة ص ٩٢٣ ، ولعمران بن حطان في الأغاني ١٨ / ١٢٢.
(٢) البيتان من البسيط ، وهما في الأسرار ص ٩٨ ، ١١٢ ، ٢٧٢ ، والوساطة ص ٢٠٤ ، ٢٠٥.