فعيل بمعنى فاعل من قولك : حقّ الشيء يحقّ ، إذا ثبت ، أي المثبتة أو الثابتة في موضعها الأصلي.
فأما التاء فقال صاحب المفتاح : هي عندي للتأنيث في الوجهين ، لتقدير لفظ «الحقيقة» قبل التسمية صفة مؤنّث غير مجراة على الموصوف وهو الكلمة ، وفيه نظر.
وقيل : هي لثقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية الصّرفة ، كما قيل في «أكيلة ونطيحة» إن التاء فيهما لنقلهما من الوصفية إلى الاسمية فلذلك لا يوصف بهما فلا يقال : شاة أكيلة أو نطيحة.
والمجاز قيل : مفعل من جاز المكان يجوزه ، إذا تعدّاه ، أي : تعدت موضعها الأصلي ، وفيه نظر.
والظاهر أنه من قولهم : جعلت كذا مجازا إلى حاجتي ، أي : طريقا له ، على أن معنى «جاز المكان» سلكه على ما فسره الجوهري (١) وغيره ، فإن المجاز طريق إلى تصور معناه. واعتبار التناسب (في التسمية) يغاير اعتبار المعنى في الوصف ، كتسمية إنسان له حمرة بأحمر ، ووصفه بأحمر ؛ فإن الأول لترجيح الاسم على غيره حال وضعه له ، والثاني لصحة إطلاقه ، فلا يصح نقض الأول بوجود المعنى في غير المسمى ، كما يلهج به بعض الضعفاء.
والمجاز ضربان : مرسل ، واستعارة ؛ لأن العلاقة المصحّحة إن كانت تشبيه معناه بما هو موضوع له فهو استعارة ، وإلا فهو مرسل.
وكثيرا ما تطلق الاستعارة على استعمال اسم المشبه به في المشبه ، فيسمّى المشبه به مستعارا منه ، والمشبه مستعارا له ، واللفظ مستعارا ، وعلى الأول لا يشتقّ منه ؛ لكونه اسما للفظ ، لا للحدث.
المجاز المرسل
الضرب الأول : المرسل ، وهو ما كانت العلاقة بين ما استعمل فيه وما وضع له ملابسة غير التشبيه ، كاليد إذا استعملت في النّعمة ؛ لأن من شأنها أن تصدر عن الجارحة ، ومنها تصل إلى المقصود بها ، ويشترط أن يكون في الكلام إشارة إلى المولى
__________________
(١) الجوهري : هو إسماعيل بن حماد الجوهري الإمام ، أبو نصر الفارابي اللغوي ، من أبناء الترك ، سكن نيسابور وتوفي بها سنة ٣٩٣ ه ، له من المصنفات : الصحاح في اللغة ، شرح أدب الكاتب ، كتاب بيان الإعراب ، كتاب العروض ، مقدمة في النحو. (كشف الظنون ٥ / ٢٠٩).