وأن لا تصح الإضافة في نحو قولهم : «فلان نهاره صائم وليله قائم» لأن المراد بالنهار ـ على هذا ـ فلان نفسه ، وإضافة الشيء إلى نفسه لا تصح.
وأن لا يكون الأمر بالإيقاد على الطين في إحدى الآيتين ـ وبالبناء ـ فيهما ـ لهامان ، مع أن النداء له.
وأن يتوقف جواز التركيب في نحو قولهم : «أنبت الربيع البقل ، وسرتني رؤيتك» على اذن الشرعي ، لأن أسماء الله تعالى توقيفيّة.
وكل ذلك منتف ظاهر الانتفاء.
ثمّ ما ذكره منقوض بنحو قولهم : «فلان نهاره صائم» فإن الإسناد فيه مجاز ، ولا يجوز أن يكون النهار استعارة بالكناية عن فلان ؛ لأن ذكر طرفي التشبيه يمنع من حمل الكلام على الاستعارة ، ويوجب حمله على التشبيه ، ولهذا عدّ نحو قولهم : «رأيت بفلان أسدا ، ولقيني منه أسد» تشبيها لا استعارة ، كما صرح السكاكي أيضا بذلك في كتابه.
تنبيه : إنما لم نورد الكلام في الحقيقة والمجاز العقليين في علم البيان ، كما فعل السكاكي ومن تبعه ؛ لدخوله في تعريف علم المعاني ، دون تعريف علم البيان.
القول في أحوال المسند إليه
أما حذفه فإما لمجرد الاختصار والاحتراز عن العبث بناء على الظاهر.
وإما لذلك مع ضيق المقام.
وإما لتخييل أن في تركه تعويلا على شهادة العقل ، وفي ذكره تعويلا على شهادة اللفظ من حيث الظاهر ، وكم بين الشهادتين!!
وإما لاختبار تنبّه السامع له عند القرينة ، أو مقدار تنبهه.
وإما لإيهام أن في تركه تطهيرا له عن لسانك ، أو تطهيرا للسانك عنه.
وإما ليكون لك سبيل إلى الإنكار إن مسّت إليه حاجة.
وإما لأن الخبر لا يصلح إلا له ، حقيقة ، أو ادعاء.
وإما لاعتبار آخر مناسب ، لا يهدي إلى مثله إلا العقل السليم ، والطبع المستقيم ، كقول الشاعر :
قال لي : كيف أنت؟ قلت : عليل |
|
سهر دائم ، وحزن طويل (١) |
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في دلائل الإعجاز ص ١٨٤ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٠٠.