يمدّون من أيد عواص عواصم |
|
تصول بأسياف قواض قواضب (١) |
وقول البحتري :
لئن صدفت عنّا فربّت أنفس |
|
صواد إلى تلك الوجوه الصّوادف (٢) |
ومنه ما كتب به بعض ملوك المغرب إلى صاحب له يدعوه إلى مجلس أنس له :
أيها الصاحب الذي فارقت عيني |
|
ونفسي منه السّنا والسّناء (٣) |
نحن في المجلس الذي يهب الرا |
|
حة والمسمع الغنى والغناء |
نتعاطى التي تنسّي من الل |
|
ذة والرّقة والهوى والهواء |
فأته تلف راحة ومحيّا |
|
قد أعدّا لك الحيا والحياء |
وربما سمي هذا القسم ـ أعني الثالث ـ مطرّفا.
ووجه حسنه أنك تتوهم قبل أن يرد عليك آخر الكلمة ـ كالميم من عواصم ـ أنها هي التي مضت ، وإنما أتي بها للتأكيد ، حتى إذا تمكن آخرها في نفسك ، ووعاه سمعك ؛ انصرف عنك ذلك التوهم ؛ وفي هذا حصول الفائدة بعد أن يخالطك اليأس منها.
والوجه الثاني : أن يختلفا بزيادة أكثر من حرف واحد كقول الخنساء :
إن البكاء هو الشّفا |
|
ء من الجوى بين الجوانح (٤) |
وربما سمّي هذا الضرب مذيّلا.
وإن اختلفا في أنواع الحروف اشترط أن لا يقع الاختلاف بأكثر من حرف.
ثم الحرفان المختلفان إن كانا متقاربين سمّي الجناس مضارعا.
ويكونان إما في الأول ، كقول الحريري : «بيني وبين كنّي ليل دامس وطريق طامس».
وإما في الوسط ، كقوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) [الأنعام : الآية ٢٦]. وقول بعضهم : «البرايا أهداف البلايا».
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو في ديوان أبي تمام ١ / ٢٠٦ ، وكتاب الصناعتين ص ٣٣٤ ، وأسرار البلاغة ص ٢٣ ، والطراز ٢ / ٣٦٢.
(٢) البيت من الطويل ، وهو في ديوان البحتري ٣ / ١٣٩١.
(٣) الأبيات لم أجدها في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٤) البيت من مجزوء الكامل ، وهو للخنساء (تماضر بنت عمرو) في معاهد التنصيص ٣ / ٢٣٠ ، وليس في ديوانها.