حتى خضبت بما تحدّر من دمي |
|
أكناف سرجي أو عنان لجامي |
فإن الخضاب بما تحدر من دمه دليل على أنه جرح ، وأيضا فحوى كلامه أن مراده أن يدل على أنه جرح ولم يمت إعلاما أن الإقدام غير علّة للحمام ، وحثّا على الشجاعة وبغض الفرار.
القول في أحوال المسند
أما تركه فلنحو ما سبق في باب المسند إليه ، من تخييل العدول إلى أقوى الدليلين ، ومن اختبار تنبّه السامع عند قيام القرينة ، أو مقدار تنبّهه ، ومن الاختصار والاحتراز عن العبث بناء على الظاهر ، إما مع ضيق المقام كقوله : [ضابىء بن الحارث]
فإني وقيّار بها لغريب (١)
أي وقيّار كذلك ، وقوله : [قيس بن الخطيم]
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف (٢) |
أي نحن بما عندنا راضون ، وكقول أبي الطّيّب :
قالت وقد رأت اصفراري : من به؟ |
|
وتنهّدت ، فأجبتها : المتنهّد (٣) |
أي المتنهد هو المطالب به ، دون المطالب به هو المتنهد ، إن فسّر بمن المطالب به ؛ لأن مطلوب السائلة ـ على هذا ـ الحكم على شخص معيّن بأنه المطالب به؟ ليتعين عندها ، لا الحكم على المطالب به بالتعيين ، وقيل : معناه من فعل به؟ فيكون التقدير «فعل به المتنهد».
وإما بدون الضّيق ، كقوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التّوبة : الآية ٦٢]
__________________
(١) صدر البيت :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله
والبيت من الطويل ، وهو لضابىء بن الحارث البرجمي في الأصمعيات ص ١٨٤ ، والإنصاف ص ٩٤ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٢٦ ، والدرر ٦ / ١٨٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٦٩ ، والشعر والشعراء ص ٣٥٨ ، والكتاب ١ / ٧٥ ، ولسان العرب (قير).
(٢) البيت من المنسرح ، وهو لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص ٢٣٩ ، والدرر ٥ / ٣١٤ ، والكتاب ١ / ٧٥ ، ولعمرو بن امرىء القيس الخزرجي في الدرر ١ / ١٤٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٧٩ ، ولدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف ١ / ٩٥ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٠٠ ، وأمالي ابن الحاجب ٢ / ٧٢٦ ، ولسان العرب (قعد).
(٣) البيت من الكامل ، وهو في ديوان المتنبي ١ / ٩١ ، (طبعة دار الكتب العلمية).