الغالب عليه النجاسة والآفة والأذى ، فأحبّ أن يكون طاهرا إذا باشر أهل الطهارة من الملائكة الذين يلونه ويماسّونه فيما بينهم (١) نظيفا موجّها إلى الله عزوجل» (٢).
فإنّ مفاد العلّة المنصوصة أنّ المقصود بالغسل تطهير جسد الميّت ، فإذا تعذّر تطهير الكلّ ، يجب تطهير البعض ، للأصل والقاعدة ، فإنّ الميسور لا يسقط بالمعسور.
وعلى هذا التقدير لا مانع من جريان الاستصحاب أيضا ، فإنّ موضوع وجوب التطهير حين اتّصال أجزاء الميّت ليس إلّا أجزاؤه ، فلنا أن نقول في كلّ جزء : أنّه كان واجبا تطهيره فليستصحب ، وهذا بخلاف ما لو أريد استصحاب وجوب الغسل ، فإنّ وجوب غسل الجزء في السابق كان غيريّا ، وقد علم انتفاؤه ، ووجوبه النفسي مشكوك الحدوث ، منفيّ بالأصل ، ولذا أنكرنا الاستصحاب فيما سبق.
وبهذا الذي أومأنا إليه يمكن توجيه المذهب المشهور بأن يقال : إنّه يفهم من مجموع الروايات خصوصا الروايتين المتقدّمتين ـ كما يؤيّدها المناسبات الذوقيّة والمؤيّدات السمعيّة ـ أنّ الشارع لم يقصد من الأمر بغسل الميّت بماء السدر والكافور والمطلق حصول أمر معنويّ لا نتعقّله كي يتوهّم كون متعلّق وجوب الغسل بدن الميّت من حيث كونه مصداقا لهذا المفهوم ، وإنّما قصد به
__________________
(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «فيما سهم» بدل «فيما بينهم». وما أثبتناه من المصدر.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٩٩ ـ ١١٤ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٤.