فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولّى (١).
رابعاً : لو خرج الباحث بهذه النتيجة وهو أنّ عثمان قتل مظلوماً في عقر داره ، وأنّه يجب أخذ ثأره من قَتَلِته ، فلاشك انّ ذلك حقّ ولىّ الدم ، قال سبحانه : ( ومنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَليِّه سُلطَاناً فَلا يُسْرِف فِي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ) (٢) فهل كان معاوية وليّ الدم ، أو أنّ وليّ الدم أولاد المقتول وان نزلوا. إِنَّ معاوية حسب المقاييس الشرعية لم يكن وليّ الدم وانّما أولياؤه ولده فلهم حق القصاص ، ولكن لا ينالون حقّهم إلاّ برفع الأمر الى المحكمة الصالحة لتنظر في أمرهم. ولو عجزت المحكمة ، فلهم الاستنجاد بغيرهم ، لا في بدء الأمر ، ولأجل ذلك نرى أنّ الإمام يُندّد بقيامه بأخذ الثأر ولايراه صالحاً لهذا الأمر ويكتب الى معاوية : « زعمت أنّك انّما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان » : ولعمري ما كنت إلاّ رجلا من المهاجرين أوْرَدْتُ كما أوردوا ، وأصدرتُ كما أصدروا ، وما كان الله ليجمعهم على ضلال ، ولا ليضربهم بالعمى وبعْد فما أنت وعثمان ، إنّما أنت رجل من بني أميّة ، وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه ، فإن زعمت أنّك أقوى على ذلك فادخل فيما دخل فيه المسلمون ، ثم حاكم القوم إليّ (٣).
وفي لفظ ابن قتيبة : أمّا قولك ادفع إليَّ قتلة عثمان ، فما أنت وذاك؟ وهاهنا بنو عثمان ، وهم أولى بذلك منك ، فإن زعمت أنّك أقوى على طلب دم عثمان منهم فارجع الى البيعة التي لزمتك وحاكم القوم إليَّ (٤).
خامساً : إذا خرجنا بهذه النتيجة ، أنّ أخذ الثأر وان كان حقّاً ثابتاً لأولياء
__________________
١ ـ الرضي : نهج البلاغة قسم الكتب برقم ٦ وفي ذيل الكتاب إشارة الى قوله سبحانه ( ومن يشاقق الرسول ... ) النساء : ١١٥.
٢ ـ الاسراء : ٣٣.
٣ ـ المبرّد : الكامل ١ / ١٩٤ مكتبة المعارف بيروت.
٤ ـ ابن قتيبة : الامامة والسياسة ١ / ٨٨.