الحق وإنكار الظلم ، فإنّ الله مع الَّذين اتّقَوْا والّذين هم محسنون » (١).
وهذا نافع بن الأزرق يقول لأصحابه عند خروجه : « إنّ الله قد أكرمكم بمخرجكم ، بصّركم عمّا عمي عنه غيركم ، ألستم تعلمون أنّما خرجتم تطلبون شريعته وامره ، فأمره لكم قائد ، والكتاب لكم إمام ، وانّما تتبعون سننه واثره ... » (٢). إلى غير ذلك من كتب القوم ورسائلهم وخطبهم الّتي يرون فيها الخروج على الإمام غير العادل واجباً.
أقول : الكلام في الإمام الجائر يقع في مقامين :
الثاني : في وجوب الخروج عليه وعدمه.
أمّا الأول : لاشكّ أنّ إطاعة الإمام العادل من صميم الدين فلا يشكّ في وجوب إطاعته اثنان ، إنّما الكلام في إطاعة الحاكم الجائر ، فقد ذهب أهل السنّة إلى وجوب طاعته مطلقاً سواء أمر بالمعروف أو أمر بالمنكر ، أو في خصوص ما لم يأمر بالمعصية ، ولكلٍّ من القولين قائل ونذكر بعض كلماتهم في المقام :
١ ـ قال أحمد بن حنبل في رسالة ألّفها لبيان عقائد أهل السنة : « السمع والطاعة للأئمّة وأمير المؤمنين البرّ والفاجر ، ومَنْ ولي الخلافة ، فأجمع الناس ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف ، ويُسمّى أمير المؤمنين » (٣).
٢ ـ وقال الشيخ أبو جعفر الطحاوي الحنفي (م ـ ٣٢١) في رسالته المسمّاة بيان السنّة والجماعة ، المشهورة بالعقيدة الطحاوية : « ونرى الصلاة
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٥٤ ـ ٥٥.
٢ ـ الطبري : التاريخ ٤ / ٤٣٩.
٣ ـ أبو زهرة : تاريخ المذاهب الإسلامية ٢ / ٣٢٢ نقلاً عن إحدى رسائل إمام الحنابلة ، وكلامه مطلق يعم ما إذا أمر بالطاعة أو بالمعصية.