يقولها الأنبياء والمعصومين وهي قوله :
« استغفرالله من كلّ ذنب » فرضوا بها وعدّوها اجابة لهم إلى سؤالهم ، وصفت له عليهالسلام نيّاتهم ، واستخلص بها ضمائرهم ، من غير أن تتضمّن تلك الكلمة اعترافاً بكفر أو ذنب فلم يتركه الأشعث ، وجاء إليه مستفسراً وكاشفاً عن الحال وهاتكاً ستر التورية والكناية ، فانتقض ما دبّره ، وعاد الخوارج إلى شبهتهم الاُولى ، وراجعوا التحكيم والمروق (١).
من هذا البحث انصافاً تقف على قيمة مايذكره البعض وهو أنّ العصبية القبلية أثّرت في انحراف الأشعث عن علي ، بل مهّدت لنشوء الخوارج وظهورهم في الساحة ، وذلك بحجة أنّ الأشعث اعترض على ترشيح عبدالله بن عباس ممثّلا لعليّ ، وقال : لا والله لا يحكم فيها مُضريّان حتى تقوم الساعة ، ولكن اجعله من أهل اليمن ، إذا جعلوا (أهل الشام) رجلا من مضر. فقال علي : إنّي أخاف أن يُخْدَع يَمَنَيِّكُم ، فإنّ عمراً ليس من الله في شيء إذا كان له في امر هوى ، فقال الأشعث : والله لأن يحكماببعض ما نكرهه وأحدهما من أهل اليمن أحبّ إلينا من أن يكون بعض ما نحبّ في حكمهما وهما مضريان (٢).
إنّ تحليل انحراف الأشعث عن عليّ عليهالسلام وايجاده الفوضى في قسم كبير من جيشه بهذا العامل النفسي ضعيف جداً ، ولاننكر أن يكون لهذا العامل أيضاً رصيداً في ما كان يضمره ويعمله.
____________
١ ـ ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٨٠.
٢ ـ الدكتور نايف معروف : الخوارج في العصر الاُموي ٢٥ وما نقله عن الأشعث ، ذكره ابن مزاحم في وقعة صفّين ٥٠٠.