قتل أولاد المخالفين ، ويحرّمون مناكحتهم بحجّة أنّهم مشركون ، فناسب البحث عن هذه الأحكام الكليّة مع غضّ النظر عن عدم الموضوع في المقام لأنّ أهل القبلة والقرآن كلّهم موحدون لامشركون ، مؤمنون لاكافرون ، إلاّ من قام الدليل على شركه وكفره كالغلاة والنواصب.
وبما أنّ الأزارقة وامثالهم أخطأوا في حكم المسألة حتى في مواردها الواقعيّة فجوزوا قتل أولاد المشركين وحرّموا انكاح الكافر غير المشرك ، فلأجل ايقاف القارئ على مظان خطأهم في هذه المسائل نوالي البحث فيها واحدة بعد اُخرى ونقول :
إنّ الأصل الرصين في الدماء هو الحرمة ، ولزوم صيانتها من الاراقة ، فالانسان ـ على وجه الاطلاق ـ هو خليفة الله في أرضه يحرم دمه وعرضه وماله للغير ، فلا يجوز التعدّي على شيء منها إلاّ بدليل ، ولأجل ذلك يقول سبحانه حاكياً عن نبيّه موسى : ( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةَ بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً ) (١) وقال سبحانه : ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَـسِرِينَ ) (٢) وقال تعالى : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلَـدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْم ) (٣) وقال سبحانه : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـدَكُم مِنْ إِمْلَـق نَحْنُ نَرْزُقُكُـمْ وَإِيَّاهُمْ ) (٤) وقال تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (٥) و : ( مَن قَتَلَ نَفْسَا بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الاَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ
__________________
١ ـ الكهف : ٧٤.
٢ ـ المائدة : ٣٠.
٣ ـ الأنعام : ١٤٠.
٤ ـ الأنعام ١٥١.
٥ ـ الأنعام : ١٥١.