العشرة وهذا يدل على أنّ جوّ البيعة كان هادئاً حراً ، ولم يكن هناك أيّ ضغط واجبار ، فبايعت الجماهير ، وتخلّفت عدة قليلة كانت عثمانية الهوى كحسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وزيد بن ثابت ، والنعمان بن البشير ، ومحمّد بن مسلمة ، ورافع بن خديج ، وفضالة بن عبيد ، وكعب بن عجرة.
يقول الطبري : أمّا حسّان فقد كان شاعراً لا يبالي ما يصنع ، وأمّا زيد بن ثابت فولاه عثمان الديوان وبيت المال فلمّا حصر عثمان قال : يا معشر الأنصار ، كونوا أنصار الله مرتين ، فقال أبو أيّوب : ما تنصره إلا انّه أكثر لك من العضدات ، فأمّا كعب بن مالك فاستعمله على صدقة المدينة وترك ماأخذ منهم له (١)
ولاأظن انّه يوجد على أديم الأرض انتخاب جماهيري لقائد ، لايوجد فيه مخالف شاذ يأبى عن البيعة لدوافع شخصيّة.
وقد تعرفت فيما سبق على كلمات الإمام ونزيد في المقام قوله مخاطباً طلحتة والزبير : والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ، ولا في الولاية إربة ، ولكنّكم دعوتموني إليها وحمّلتموني عليها (٢).
ثالثاً : إذا خرجنا بهذه النتيجة : إنَّ بيعة الإمام كانت بيعة شرعية قانونية أطبق عليها المهاجرون والأنصار ، فلأيّ مبّرر يرفض معاوية عليّ ويؤخّر البيعة ويرفع قميص عثمان مطالباً بالثار؟ ولأجل ذلك نرى الإمام يُنَدِّده ويبيّن موقفه من بيعته ويكتب اليه قائلا : إنّه بايعني القوم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولاللغائب أن يرد ، انّما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً كان ذلك لله رضى ، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة رَدّوه إلى ما خرج منه ،
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ٤٥٢.
٢ ـ الرضي : نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠٠.