وما ذاك على الله بعزيز فإن الله ـ تعالى ـ خلق الخلق من أجل محمد وآل محمد «صلوات الله عليهم أجمعين» وقد ذابت هذه المخدرة المكرمة في ولائها لهم ، وتمسكت بهداهم ، وأقتدت بآثارهم حتى صارت من أولياء الله المقربين عنده وعندهم ، فارتفعت إلى أعلى عليين من خلال سبيل الكمال الذي رسمه الله لها ولجميه خلقه ، فكانت أُم البنين عليهاالسلام من السابقين في هذا الميدان حتى صارت ذا جاء عريض عند أهل البيت عليهمالسلام وعند بارئهم.
وبالرغم من أنها كانت ولا زالت من أبواب الله ، وأنها كانت ولا زالت من أبرز أعلام نساء التاريخ ، إلّا أنّ من المؤسف له ، فإن التاريخ لم يعطها حقها ـ كما هو شأنه مع الأبرار ـ فإنك لا تكاد تعثر في المصادر عن شيء فيه تفصيل عن حياة هذه الكريمة عن تاريخ ولادتها ... طفولتها ... شبابها ... كم هو عمرها يوم دخلت بيت أمير المؤمنين عليهالسلام ... تفاصيل حياتها مع زوجها ومع أبناء رسول الله ... فإنها لا شك كانت زوجة مثالية رغم أنها لم تكن معصومة كفاطمة عليهاالسلام ، ولا ريب أنها كانت من أبرز مصاديق «عمال الله في الأرض» وفق روايات أهل البيت عليهمالسلام وأدبياتهم الخاصة بالحياة الزوجية ... فكيف عاشت مع أمير المؤمنين عليهالسلام؟!
وهكذا تفاصيل حياتها مع أبنائها ـ كأُم ـ ربت أفضل نموذج يمكن أن يقدمه القرآن والعترة الطاهرة من الذرية الصالحة ... وكيف عاشت بعد أمير المؤمنين عليهالسلام وبعد واقعة الطف؟!
تغافل المؤرخون والرواة عن متابعة تفاصيل حياة امرأة تعد لوحدها «أمة» و «مدرسة» متكاملة للأجيال ، وخاضوا في جزئيات حياة حفنة من السفلة والأوغاد ... ولعل من جملة الأسباب الكامنة وراء ذلك :
أنها كانت زوجة أمير المؤمنين عليهالسلام ... عاشت في كنفه وفي ظل بيت ضم من قبلها فاطمة عليهاالسلام ومن ثم ضم الحسن والحسين وزينب ، ومن غمرته أنوار الشمس تضاءل شعاعه مهما كان نيّراً ...