كان عبد المطلب من زعماء مكة قبل الاسلام ، وكان في زمانه رجل يقال له «سيف بن ذي يزن» وكان من ملوك اليمن ، فجمع عبد المطلب رؤساء قريش وقال : يا قوم إنّكم تحتاجون أن تخرجوا معي نحو «سيف بن ذي يزن» لتهنئته في ولايته ...
فلما ذهبوا اليه استقبلهم بحفاوة وأكرم مثواهم وجعلهم في دار الضيافة.
وفي ذات يوم دعا عبد المطلب لوحده ، واختلى به وقال لخدمه : تباعدوا عنا ، فلم يبق في المجلس غير الملك وعبد المطلب وثالثهم ربّ العزة ـ تبارك وتعالى ـ.
فقال له الملك : يا أبا الحارث ، إنّ من آرائي أن أفوض اليك علماً كنت كتمته عن غيرك أريد أن أضعه عندك ، فانك موضع ذلك ، وأريد أن تطويه وتكتمه إلى أن يظهره الله ـ تعالى ـ.
فقال عبد المطلب : السمع والطاعة للملك وكذا الظن بك.
فقال الملك : اعلم يا أبا الحارث إن بأرضكم غلاماً حسن الوجه والبدن جميل القد والقامة ، بين كتفيه شامة ، المبعوث من تهامة ، أنبت الله ـ تعالى ـ على رأسه شجرة النبوة ، وظللته الغمامة ، صاحب الشفاعة يوم القيامة ، مكتوب بخاتم النبوة على كتفيه سطران : «لا اله الا الله» والثاني «محمد رسول الله» والله ـ تعالى ـ أمات أمه وأباه ، وتكون تربيته على جدّه وعمه ، وإني وجدت في كتب بني إسرائيل صفته ، أبين وأشرح من القمر بين الكواكب ، وإني أراك جدّه.
فقال عبد المطلب : أنا جده أيها الملك.
فقال الملك : مرحباً بك وسهلاً يا أبا الحارث.
ثم قال له الملك : أشهدك على نفسي ـ يا أبا الحارث ـ إني مؤمن به وبما يأتي به من عند ربّه ، ثم تأوّه «سيف» ثلاث مرات بأن يراه ، فكان ينصره ....