المقدّمة
الحمد لله أولا
وآخرا ، أن جعلني من خدمة العربية لغة القرآن ، ولسان النور إلى الإيمان ، والصلاة
والسّلام على سيّدنا محمّد وإخوانه من الرسل والأنبياء ، وعلى من أحبّ هذه اللغة
من خالص الأولياء.
أمّا بعد فهذا «كتاب
الجمل في النحو» المنسوب إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت ١٧٥) ، أضعه بين أيدي
العلماء والباحثين ، ليكون مادّة للدراسة والتوثيق ، والتحقيق. ولسوف يثير ، فيما
أرى ، أمواجا مختلفة أو متناقضة ، من الآراء ، والتوجيهات والنقد والتقويم ، تساهم
في توضيح معالمه ، وتسديد منعطفاته ، وحلّ مشكلاته.
ذلك أنّك سترى
فيه منابع لا تنضب ، من العقبات والمعضلات والتحدّيات ، تواجه علماء النحو ودارسيه
ومؤرّخيه ، وتهزّ ما رسموه في أذهانهم أو سطروه في كتبهم ، وتفتح أبوابا جديدة في
ميادين المصطلحات والمذاهب والتوجيهات والأحكام النحويّة ، وفي الهياكل الكبرى
التي سيطرت على تاريخ النحو والنحاة.
إنّه ، كما ترى
، كتاب صغير الحجم ، رشيق المظهر ، خفيف الظلّ ، ولكنّه سيتمثّل ، على صغر حجمه
ورشاقة مظهره وخفّة ظلّه ، سفرا عظيم القدر ، عنيف المسّ ، ثقيلا في الميزان.
فهو يحمل بين
دفّتيه ألوانا من العلم متميّزة ، ولمحات من الفكر قديمة مستجدّة ، ونماذج من
النظرات النحويّة واللغويّة والبيانيّة ، تقتضي الاهتمام والتدقيق والتحرير.