وفد من أهل العراق قال : من أي [أهل](١) العراق؟ قال : من الكوفة ، قال : ائذن لهم فدخلوا عليه ، فنظر إليهم معن في هيئة زرية (٢) فوثب على أريكته وأنشأ يقول :
إذا نوبة نابت صديقك فاغتنم |
|
مرمّتها فالدّهر بالناس قلّب |
فأحسن ثوبيك الذي هو لابس |
|
وأفره مهريك الذي هو يركب |
وبادر بمعروف إذا كنت قادرا |
|
زوال اقتدار أو غنى (٣) عنك يذهب |
قال : فوثب إليه رجل من القوم فقال : أصلح الله الأمير ، ألا أنشدك أحسن من هذا ، قال : لمن؟ قال : لابن عمك ، ابن هرمة قال : هات فأنشأ يقول :
وللنّفس تارات تحل بها العرى |
|
وتسخو عن المال النفوس الشحايح |
إذا المرء (٤) لم ينفعك حيّا فنفعه |
|
أقلّ إذا ضمّت عليه الصّفائح |
لأية حال ينفع المرء ماله |
|
غدا فغدا والموت غاد ورائح (٥) |
فقال معن : أحسنت والله ، وإن كان الشعر لغيرك. يا غلام اعطهم أربعة آلاف أربعة ألاف يستعينوا بها على أمورهم ، إلى أن يتهيأ لنا فيهم ما نريد ، فقال الغلام : يا سيدي أجعلها دنانير أم دراهم؟ فقال معن : والله لا تكون همّتك أرفع من همتي ، يا غلام صفّرها لهم.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٦) ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا الشريف أبو الفضل العباس بن أحمد بن محمد بن بكران الهاشمي ، وأبو محمد أحمد وأبو الغنائم محمد ابنا علي بن الحسن بن أبي عثمان ، وأبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري ، وعبيد الله بن
__________________
(١) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٢) طمس جزء من الكلمة بالأصل ، والمثبت عن م ، وانظر تاريخ بغداد.
(٣) بالأصل : «اقتدار وغنى» والمثبت عن تاريخ بغداد وم.
(٤) عن تاريخ بغداد وبالأصل «إذ المرء».
(٥) كذا بالأصل أواخر الأبيات غير مهموزة ، وفي تاريخ بغداد والمختصر «الشحائح ، والصفائح ورائح» مهموزة.
(٦) تاريخ بغداد ٦ / ١٢٩ ـ ١٣٠.