المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
ولا يحسن جعل
الضمير المنفصل تأكيدا للمتّصل ، وهو واو الضمير ، لأنّه يخرج الكلام عن مقابلة ما
قبله ، إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع ، لا في المباشرة وعدمها ،
فإنّ معناه حينئذ : إذا أخذوا من الناس استوفوا ، وإذا تولّوا الكيل أو الوزن هم
على الخصوص أخسروا. وهو كلام متنافر غير ملائم لما قبله.
والمعنى الأوّل
وإن كان يستدعي إثبات الألف بعد الواو ، لكن رسم المصحف لم يراع في كثير منه حدّ
المصطلح عليه في علم الخطّ. ويمكن أن يقال : إنّ الواو وحدها هاهنا معطية معنى
الجمع ، وإنّما تكتب هذه الألف تفرقة بين واو الجمع وغيرها في نحو قولك : هم لم
يدعوا ، وهو يدعو. ولمّا كان المعنى هاهنا كافيا في التفرقة بينهما ، لم يحتج إلى
إثبات الألف.
(أَلا يَظُنُّ
أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) فإنّ من ظنّ ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح ،
فكيف بمن تيقّنه! وفيه إنكار وتعجيب عظيم من حالهم في الاجتراء على التطفيف ،
كأنّهم لا يخطرون ببالهم ولا يخمّنون تخمينا أنّهم مبعوثون ومحاسبون على مقدار
الذرة والخردلة. (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) عظمه لعظم ما يكون فيه.
(يَوْمَ يَقُومُ
النَّاسُ) من قبورهم. نصب بـ «مبعوثون» ، أو بدل من الجارّ
والمجرور. (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) لحكمه. ولا شبهة أنّ في هذا الإنكار والتعجيب ، وذكر
الظنّ ، ووصف اليوم بالعظم ، وقيام الناس فيه لله خاضعين ، ووصف ذاته بربّ
العالمين ، مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه.
وعن قتادة :
أوف يا ابن آدم كما تحبّ أن يوفى لك ، واعدل كما تحبّ أن يعدل لك.
وعن الفضيل :
بخس الميزان سواد الوجه يوم القيامة.
وعن ابن عمر :
أنّه قرأ هذه السورة ، فلمّا بلغ قوله تعالى : «يَوْمَ يَقُومُ
النَّاسُ