(ثُمَّ أَدْبَرَ) عن الطاعة (يَسْعى) ساعيا في إبطال أمره. أو أدبر بعد ما رأى الثعبان مرعوبا مسرعا في مشيه. عن الحسن : كان رجلا طيّاشا خفيفا.
(فَحَشَرَ) فجمع السحرة ، كقوله : (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) (١).
(فَنادى) بنفسه في المجمع الّذي اجتمعوا فيه معه ، أو أمر مناديا فنادى من قبله. والأصحّ أنّه قام فيهم خطيبا.
(فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) أي : لا ربّ فوقي ، أو أعلى من كلّ من يلي أمركم.
وقيل : معناه : أنا الّذي أنال بالضرر من شئت ، ولا ينالني غيري. وكذب اللعين ، إنّما هذه صفة الله الّذي خلقه وخلق جميع الخلائق. وقيل : إنّه جعل الأصنام أربابا فقال : أنا ربّكم وربّها.
(فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) أخذا منكّلا لمن رآه أو سمعه ، في الآخرة بالإحراق ، وفي الدنيا بالإغراق. أو مصدر مؤكّد ، كوعد الله ، وصبغة الله. تقديره : نكّل الله به نكال الآخرة والأولى. أو أخذه الله على نكال كلمته الآخرة ، وهي هذه ، وكلمته الأولى ، وهي قوله : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (٢). أو للتنكيل في الدارين للكلمتين.
وعن أبي جعفر عليهالسلام : «أنّه كان بين الكلمتين أربعون سنة».
وعن وهب ، عن ابن عبّاس قال : قال موسى عليهالسلام : يا ربّ إنّك أمهلت فرعون أربعمائة سنة وهو يقول : أنا ربّكم الأعلى ، ويجحد رسلك ، ويكذّب بآياتك.
فأوحى الله تعالى إليه أنّه كان حسن الخلق سهل الحجاب ، فأحببت أن أكافيه.
وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال جبرئيل عليهالسلام : قلت : يا ربّ تدع فرعون وقد قال : أنا ربّكم الأعلى؟ فقال : إنّما يقول
__________________
(١) الشعراء : ٥٣.
(٢) القصص : ٣٨.